للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان الحكم منصوصًا عليه: جاز الاستناد إليه في القياس وإن كان مختلفًا فيه بين الخصمين، بشرط أن يكون النص غير متناول للفرع، فإنه إذا كان متناولًا للفرع: كان منصوصًا عليه، فلا يستروح١ إلى القياس على وجه لا يجد بُدًّا من الاسترواح إلى النص، فيكون تطويل طريق بغير فائدة، فليصطلح على رده.

وقال قوم: لا يجوز القياس على المختلف فيه بحال؛ لأنه يفضي إلى نقل الكلام من مسألة إلى مسألة، وبناء الخلاف على الخلاف، وليس أحدهما أولى من الآخر٢.

ولنا:

أن حكم الأصل أحد أركان الدليل، فيجب أن يتمكن من إثباته بالدليل، كبقية أركانه؛ فإنه ليس من شرط ما يُفتقر إليه في إثبات الحكم: أن يكون متفقًا عليه، بل يكفي أن يكون ثابتًا بدليل يغلب على الظن، فيجب أن يكتفي بذلك في الأصل؛ إذ الفرق تحكّم.


١ في القاموس المحيط "مادة روح": "استروح: وجد الراحة، كاستراح".
٣ خلاصة ذلك: أن حكم الأصل إذا كان منصوصًا عليه، واختلف الخصمان فيه، هل يصبح الاستناد إليه أولًا؟
حكى المصنف في ذلك مذهبين:
الأول: جواز ذلك وعدم الاعتداد بخلاف المعارض، بشرط عدم تناول النص للفرع، فإنه إذا كان متناولًا له فلا معنى للقياس مع إمكان الرجوع إلى النص، فإنه يكون تطويلًا بدون فائدة.
المذهب الثاني: عدم جواز القياس على أصل مختلف فيه؛ لأنه يؤدي إلى نقل الكلام من مسألة إلى مسألة أخرى، لأن كلًّا منهما يمنع ثبوت ذلك الأصل بذلك النص، وهكذا ينتقل الكلام من مسألة إلى مسألة، كما قال المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>