الوَجْهُ الرَّابِع: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ الأَسَانِيْدَ النَّظِيْفَةَ وَالقَوِيَّةَ؛ أَنَّهُ يَسُوْقُ -فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ- أَدِلَّةً وَقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الخَبَرِ الَّذِي خَرَّجَهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيْث (رَقم: ٦٣١، ٦٣٢، ٦٣٣): بَعْدَ أَنْ سَاقَهُ مِنْ طُرِقٍ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوْسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ رَسُوْلِ الله ﷺ قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً فَأَدْرَكَ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا عِنْدَ رَجُلٍ أَفْلَسَ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهِي لَهُ، فَإِنْ كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَمَا بَقِي فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ".
قَالَ ابْنُ الجَارُوْدِ: وَقَالَ ابْنُ يَحْيَى -قُلْتُ: يَعْنِي: مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ-: "رَوَاهُ مَالِكٌ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ - يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُطْلَقٌ، -يَعْنِي مُرْسَلٌ- عَنْ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ، وَهُمْ أَوْلَى بِالحَدِيْثِ، يَعْنِي: مِنْ طَرِيْقِ الزُّهْرِيِّ".
فَبَيَّنَ هُنَا أَنَّ الصَّوَابَ فِي الإِسْنَادِ الإِرْسَال عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَإِسْمَاعِيْلُ بْنُ عَيَّاشٍ رِوَايَتُهُ عَنِ الحِجَازِيِّيْن ضَعِيْفَةٌ.
قُلْتُ: وَلِذَا قَالَ أَبُوْ دَاوُدَ: "حَدِيْثُ مَالِكٌ أَصَحُّ". يَعْنِي: المُرْسَلَ.
وَتَقْيِيْدُ ذَلِكَ بِالزُّهْرِيِّ -أَي: إِرْسَال الحَدِيْث- مِنْ قِبَلِ ابْنِ الجَارُوْدِ مُهِمٌّ، أَرَادَ أَنْ يُبَيّنَ أَنَّ الحَدِيْثَ قَدْ صَحَّ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيْقِ، وَقَدْ سَاقَهُ قَبْلَ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ عَيَّاشٍ (برقم: ٦٣٠)، مِنْ طَرِيْقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁.
ثُمَّ سَاقَهُ ابْنُ الجَارُوْدِ -أَيْضًا- بَعْدَ حَدِيْثِ إِسمَاعِيْلَ بْنِ عَيَّاشٍ -مِنْ طَرِيْقٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute