للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يغرسها فهذا بطّال، ومن اعتمد على صنعه لنفسه فهذا مخذول، والموفق من فعل السبب ثم توكل، فبذر أرضه ثم توكل على ربه.

ولذلك يروى عن النبي أنه قال لمن أتى إليه ومعه ناقته، وقال: يا رسول الله، أعقلها وأتوكل، أم أطلقها وأتوكل؟ قال «اعقلها وتوكل» (١).

ومرّ الشعبيُّ بإبلٍ قد فشا فيها الجرب، فقال لصاحبها: أما تداوي إبلك؟ فقال: إن لنا عجوزًا نتكل على دعائها، فقال: اجعل مع دعائها شيئًا من القطران -وهو دواءٌ للجرب- (٢).

المسألة الثانية: اعلم أن التوكل على الله من أجل القربات، وآكد العبادات، وقد ورد الأمر به في نصوص عديدة، ومنها آيات ثلاث ساقها المصنف وهي:

١) قوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ قال ابن القيم: «جعلَ التوكلَ شرطًا في الإيمان، فدل على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل» (٣).

٢) قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ فذكر في الآية أعظم صفات المؤمنين، والتي يدور عليها غيرها، وهي هذه الخمس، ومن أعظمها توكلهم على الله.

٣) قوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ﴾ ووجه الدلالة منها: أنَّه إذا كان الله هو


(١) أخرجه الترمذي (٢٥١٧) من حديث أنس بن مالك، وإسناده ضعيف، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (٧٣١) من حديث عمرو بن أمية الضمري، وإسناده لا بأس به.
(٢) محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء للراغب الأصفهاني (١/ ٣٧).
(٣) طريق الهجرتين (ص: ٣٨٦)

<<  <   >  >>