للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهي نماذجُ تعطي صورًا للتحاكم الذي ذمّه الله، ولذا قال ابن كثير بعد ذكر سبب النزول: «والآيةُ أعمُّ من ذلك كله، فإنَّها ذامّةٌ لمن عدل عن الكتاب والسنة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت ها هنا» (١).

واعلم أنَّ الآية دليلٌ على كفر التحاكم لغير شرع الله، فالله تعجّب من زعمهم أنهم مؤمنون، مع أنهم يحكمون بغير شرع الله، وما ذلك إلّا لأنَّ دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب.

ثم أُتْبِعت هذه الآية بآية في الموضوع، وهي قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾. ثم علقه وقال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، وفيها:

١ - أنَّه لا يجوز للمسلم التحاكم إلى غير الكتاب والسنة.

٢ - أنَّه عدّ التحاكم إليه من تحقيق الإيمان، فلا يتمّ إيمان امرئٍ إلّا بذلك.

٢) قوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء، الآية (٦٥)].

وسبب نزولها قصة الأنصاري مع الزبير ، وقيل: بل نزلت في اليهودي والمنافق الذين تحاكما إلى الطاغوت، ورجح الطبري الثاني (٢).

وعلى القول بأنَّه في قصة الزبير -وهو ثابت عند البخاري (٣) -، فإذا كان


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٤٦).
(٢) تفسير الطبري (٨/ ٥٢٤).
(٣) صحيح البخاري (٢٧٠٨).

<<  <   >  >>