للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أنَّه جارٍ على عادة العرب في قولهم ألفاظًا ولا يريدون حقيقتها، كما يقولون: ثكلتك أمك، أو تربت يمينه، ونحوها.

٣ - أن لفظة: «وَأَبِيهِ» شاذة، تفرد بها إسماعيل بن جعفر في رواية بعض الرواة عنه، وقد اختلف عليه هو أيضًا، فقد وردت روايته عند البخاري بدونها، وأكثر الذين رووا الحديث ذكروه بدونها، وإنما بلفظ: «أفلح إن صدق»، ولذا أعرض البخاري عنها، وأوردها مسلم بطريقةٍ توحي بأنَّه يريد إعلالها لا الاحتجاج بها، وقد ذكر مسلم في مقدمته أنَّه قد يورد ألفاظًا يريد إعلالها، فلعل هذا منها، ومن له دُربة في صحيح مسلم يدرك هذا من طريقة سوقه للمتابعات والأسانيد (١).

الثانية: أنَّه ينبغي لمن حلف بالله أن يصدُقَ في يمينه، ولا يجوزُ له الكذب في اليمين، فإن ذلك استخفافٌ بالله الذي حلف به كاذبًا، فإنْ ترتب على حَلِفِه أكلٌ لمالٍ أو ظلمٌ لحقٍ فهي اليمين الغموس.

الثالثة: أنَّه ينبغي لمن حُلِف له بالله أن يرضى، وذلك تعظيمًا لمن حُلف له به، وقد ورد في حديث أبي هريرة مرفوعًا: «رَأَى عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسرقُ، فَقَالَ لَهُ: أَسرقْتَ؟ قَالَ: كَلاَّ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، فَقَالَ عِيسى: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ عَيْنِي» (٢)، وهذا لتعظيمه لله سبحانه.

وقد توعد في الحديث من لم يرض بمن حلف له بالله، بأنَّه ليس من الله فقال: «وَمَنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ»، وهذا من ألفاظ الوعيد التي تبقى على ظاهرها؛ ليكون ذلك أوقع لهيبتها في القلوب.


(١) وانظر: شرح مسلم، للنووي (١/ ١٦٨).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٤٤)، ومسلم (٢٣٦٨).

<<  <   >  >>