للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدين كله لله، ويعلم أنَّ من تمام تفسيرها وتحقيقها البراءة من عبادة غير الله» (١).

المسألة الثالثة: ذكر المصنّف في الباب قول الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ … ﴾ [الإسراء، الآية (٥٧)].

وقد اختلف في سبب نزولها، فقد ورد عن ابن مسعود في قوله: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء، الآية (٥٦)]. قال: «كَانَ نَفَرٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ النَّفَرُ مِنَ الْجِنِّ، وَاسْتَمْسَكَ الْإِنْسُ بِعِبَادَتِهِمْ، فَنَزَلَتْ هذه الآيات» (٢).

وقيل: إنَّها نزلت في قوم كانوا يعبدون المسيح وأمّه وعزيرًا، وقيل: غير ذلك (٣).

قال شيخ الإسلام: «وهذه الأقوالُ كلها حقٌ، فإنَّ الآية تَعُمُّ من كان معبوده عابدًا لله، سواء أكان من الملائكة أو من الجنّ أو من البشر، والسلف في تفسيرهم يذكرون جنس المراد بالآية على نوع التمثيل» (٤).

ومعنى الآية: يتبين بذكر الآية التي قبلها، وهي قوله: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ وهذا عامٌ يشمل كل مدعو من دون الله من الأنداد، فكل من دعا ميتًا أو غائبًا من الأنبياء والصالحين، فإنَّه يدخل في الآية: ﴿فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ﴾ أي إزالته بالكلية.


(١) القول السديد (ص: ٣٩).
(٢) أخرجه البخاري (٤٧١٤)، ومسلم (٣٠٣٠).
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٧/ ٤٧١)، وتفسير البغوي (٣/ ١٣٩).
(٤) الاستغاثة في الرد على البكري لابن تيمية (٢/ ٥٣٨).

<<  <   >  >>