للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرق بين الفقير والمسكين]:

أ - قال الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ: إِنَّ الْفَقِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ، وَإنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَهُ شَيْءٌ لَكِنَّهُ لَا يَكْفِيهِ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) فَسَمَّاهُمْ مَسَاكِينَ مَعَ أَنَّ لَهُمْ سَفِينَةً يَعْمَلُونَ فِيهَا.

ب - قال ابن الْقَاسِمِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ: الْمِسْكِينُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ.

ج - وَقَالَ آخَرُونَ. هُمَا سَوَاءٌ.

د - وَقِيلَ: الْفَقِيرُ الَّذِي يَسْأَلُ، والمسكين الَّذِي لَا يسْأَل.

• قال أبو حَنِيفَة: إِنَّ الْغَنِيَّ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخذ الزَّكَاة، وَاحْتج بِحَدِيث ابن عَبَّاسٍ فِي بَعْثِ مُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ لَهُ: (تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ)، فَوَصَفَ مَنْ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهُ بِالْغِنَى، وَقَدْ قَالَ: (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ).

• نَقَلَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِعْلَانَ فِي صَدَقَةِ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الْإِخْفَاءِ، وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ، وَنَقَلَ الزَّجَّاجُ: أَنَّ إِخْفَاءَ الزَّكَاةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ كَانَ أَفْضَلَ، فَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّ الظَّنَّ يُسَاءُ بِمَنْ أَخْفَاهَا فَلِهَذَا كَانَ إِظْهَارُ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ أَفْضَلَ.

قَالَ ابن عَطِيَّةَ: وَيُشْبِهُ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَكُونَ الْإِخْفَاءُ بِصَدَقَةِ الْفَرْضِ أَفْضَلَ، فَقَدْ كَثُرَ الْمَانِعُ لَهَا، وَصَارَ إِخْرَاجُهَا عُرْضَةً لِلرِّيَاءِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَوْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ لَمَا كَانَ بَعيدا، فَإِذا كَانَ الْمُتَطَوِّعُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَيُتَّبَعُ، وَتَنْبَعِثُ الْهِمَمُ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالْإِنْفَاقِ وَسَلِمَ قَصْدُهُ فَالْإِظْهَارُ أَوْلَى.

• قِيلَ: إِنَّمَا جُعِلَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ، لِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ، فَنُزِّلَ مَنْ وَجَدَهُ مَنْزِلَةَ الْغَنَائِمِ، فَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ.

• يَجُوزُ لأهل البيت أخذ الصدقة المفروضة إِذَا حَرَّمُوا سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ، وَنَقَلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَنِ الْأَبْهَرِيِّ مِنْهُمْ، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: يَحِلُّ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَشْهُورَةٍ: الْجَوَازُ، الْمَنْعُ، جَوَازُ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ، عَكْسُهُ.

• قَالَ ابن الْمُنْذِرِ: اخْتُلِفَ فِي نَفَقَةِ مَنْ بَلَغَ مِنَ الْأَوْلَادِ وَلَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ:

<<  <   >  >>