[منهج الإمام البخاري في صحيحه]
قال البخاري: كُنَّا عِنْد إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فَقَالَ: لَو جمعتم كتابا مُخْتَصرا لصحيح سُنَّةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَوَقع ذَلِك فِي قلبِي، فَأخذت فِي جمع الْجَامِع الصَّحِيح.
قال البخاري: رَأَيْت النَّبِي ﷺ وكأنني وَاقِف بَين يَدَيْهِ، وَبِيَدِي مروحة أذب بهَا عَنهُ فَسَأَلت بعض المعبرين فَقَالَ لي: أَنْت تذب عَنهُ الْكَذِب، فَهُوَ الَّذِي حَملَنِي على إِخْرَاج الْجَامِع الصَّحِيح.
وقال مُحَمَّد بن أبي حَاتِم البُخَارِيّ الْوراق: رَأَيْت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ فِي الْمَنَام يمشي خلف النَّبِي ﷺ، وَالنَّبِيّ ﷺ يمشي، فَكلما رفع النَّبِي ﷺ قدمه وضع البُخَارِيّ قدمه فِي ذَلِك الْموضع.
قَالَ البُخَارِيّ: مَا كتبت فِي كتاب الصَّحِيح حَدِيثاً الا اغْتَسَلت قبل ذَلِك وَصليت رَكْعَتَيْنِ.
قال البخاري: صنفت كتابي الْجَامِع فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا أدخلت فِيهِ حَدِيثا حَتَّى استخرت الله تَعَالَى، وَصليت رَكْعَتَيْنِ، وتيقنت صِحَّته، ووضع تراجم جَامعه بَين قبر النَّبِي ﷺ ومنبره، وَكَانَ يُصَلِّي لكل تَرْجَمَة رَكْعَتَيْنِ.
عَنْ عبد القدوس بن همام قَالَ: شهِدت عدَّة مَشَايِخ يَقُولُونَ: حَوَّل البُخَارِيّ تراجم جَامعه يَعْنِي بَيَّضَهَا بَين قبر النَّبِي ﷺ ومنبره، وَكَانَ يُصَلِّي لكل تَرْجَمَة رَكْعَتَيْنِ.
وقَالَ: خرجت الصَّحِيح من سِتّمائَة ألف حَدِيث.
لما ألف البُخَارِيّ كتاب الصَّحِيح عرضه على أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وعَلى بن الْمَدِينِيّ وَغَيرهم، فاستحسنوه وشهدوا لَهُ بِالصِّحَّةِ، إلا فِي أَرْبَعَة أَحَادِيث، قَالَ الْعقيلِيّ: وَالْقَوْل فِيهَا قَول البُخَارِيّ، وَهِي صَحِيحَة.
قَالَ بعض العارفين: إن صَحِيح البُخَارِيّ مَا قرئَ فِي شدَّة الا فرجت، وَلَا ركب بِهِ فِي مركب فغرق.
قَالَ ابن الصّلاح: عدد أَحَادِيث صَحِيح البُخَارِيّ سَبْعَة آلَاف ومائتان وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ بالأحاديث المكررة، وَقيل: إِنَّهَا بِإِسْقَاط المكرر أَرْبَعَة آلَاف، وَجُمْلَة مَا فِيهِ من المتابعات والتنبيه على اخْتِلَاف الرِّوَايَات: ثَلَاثمِائَة وَاحِد وَأَرْبَعُونَ حَدِيثاً.