ألهم حفظ الحَدِيث وهو ابن عشر سِنِين أَوْ أقل، فَلَمَّا طعن فِي السادسة عشر حفظ كتب ابن الْمُبَارك ووكيع، ثمَّ حج مَعَ أمه وأخيه أَحْمد وَكَانَ أسن مِنْهُ، فَأَقَامَ هُوَ بِمَكَّة مجاورا يطْلب الْعلم، وَرجع أَخُوهُ أَحْمد إِلَى بُخَارى فَمَاتَ بهَا. فَلَمَّا طعن فِي الثَامَنِة عشرَ صنفت كتاب قضايا الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ثمَّ صنفت التَّارِيخ فِي الْمَدِينَة عِنْد قبر النَّبِي ﷺ، وَكان يكتبه فِي اللَّيَالِي المقمرة.
قَالَ البُخَارِيّ: دخلت إِلَى الشَّام ومصر والجزيرة مرَّتَيْنِ وَإِلَى الْبَصْرَة أَربع مَرَّات وأقمت بالحجاز سِتَّة أَعْوَام وَلَا أحصي كم دخلت إِلَى الْكُوفَة وبغداد مَعَ الْمُحدثين.
قَالَ البخاري: كتبت عَنْ ألف وَثَمَانِينَ نفسا لَيْسَ فيهم إِلَّا صَاحب حَدِيث.
ينحصر مشايخه فِي خمس طَبَقَات:
الطَّبَقَة الأولى: من حَدثهُ عَنْ التَّابِعين مثل مكي بن إِبْرَاهِيم حَدثهُ عَنْ يزِيد بن أبي عبيد.
الطَّبَقَة الثَّانِيَة: من كَانَ فِي عصر هَؤُلَاءِ لَكِن لم يسمع من ثِقَات التَّابِعين كآدم بن أبي إِيَاس.
الطَّبَقَة الثَّالِثَة: هِيَ الْوُسْطَى من مشايخه، وهم من لم يلق التَّابِعين بل أَخذ عَنْ كبار تبع الأتباع مثل نعيم بن حَمَّاد وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْةِ.
الطَّبَقَة الرَّابِعَة: رفقاؤه فِي الطّلب وَمن سمع قبله قَلِيلاً، كمحمد بن يحيى الذهلي وَأبي حَاتِم الرَّازِيّ.
الطَّبَقَة الْخَامِسَة: قوم فِي عداد طلبته فِي السن والإسناد سمع مِنْهُم للفائدة، كَعبد الله بن حَمَّاد الآملي وَعبد الله بن أبي الْعَاصِ الْخَوَارِزْمِيّ.
قَالَ البخاري: لَا يكون الرجل عَالما حَتَّى يحدث عَمَّن هُوَ فَوْقه، وَعَمن هُوَ مثله، وَعَمن هُوَ دونه.
من مؤلفات البخاري: [الْأَدَب الْمُفْرَدُ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ وبر الْوَالِدين والتاريخ الْكَبِير والتاريخ الْأَوْسَط والتاريخ الصَّغِير وَخلقُ أَفعَال الْعباد وَكتاب الضُّعَفَاء الْجَامِع الْكَبِير والمسند الْكَبِير وَالتَّفْسِير الْكَبِير وَكتاب الْأَشْرِبَة وَكتاب الْهِبَة وأسامي الصَّحَابَة وَكتاب الْمَبْسُوط وَكتاب الْعِلَل وَكتاب الكنى وَكتاب الْفَوَائِد].
توفي سنة ٢٥٦ هـ عن عمر ٦٢ سنة.