• قدم البخاري في صحيحه حديث: (إنما الأعمال بالنيات) في أول كتاب بدء الوحي:
أ - قَالَ بن الْمُنِيرِ: كَانَ مُقَدِّمَةُ النُّبُوَّةِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ ﷺ الْهِجْرَةَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَلْوَةِ فِي غَارِ حِرَاءَ فَنَاسَبَ الِافْتِتَاحَ بِحَدِيثِ الْهِجْرَةِ.
ب - وَمِنَ الْمُنَاسَبَاتِ الْبَدِيعَةِ الْوَجِيزَةِ أَنَّ الْكِتَابَ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لِجَمْعِ وَحْيِ السُّنَّةِ صَدَّرَهُ بِبَدْءِ الْوَحْيِ، وَلَمَّا كَانَ الْوَحْيُ لِبَيَانِ الْأَعْمَالِ الشَّرْعِيَّةِ صَدَّرَهُ بِحَدِيثِ الْأَعْمَالِ.
• لم يفتتح البخاري كتابه بالحمد:
أ - أَنَّ حديث: (كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ) ليس على شرطه.
ب - صَدَّرَ الْكِتَابَ بِتَرْجَمَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ، وَبِالْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى مَقْصُودِهِ، الْمُشْتَمِلِ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ دَائِرٌ مَعَ النِّيَّةِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: قَصَدْتُ جَمْعَ وَحْيِ السُّنَّةِ الْمُتَلَقَّى عَنْ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، عَلَى وَجْهٍ سَيَظْهَرُ حُسْنُ عَمَلِي فِيهِ مِنْ قَصْدِي، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَاكْتَفَى بِالتَّلْوِيحِ عَنِ التَّصْرِيحِ.
ج - لعَلَّهُ حَمِدَ وَتَشَهَّدَ نُطْقًا عِنْدَ وَضْعِ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَكْتُبْ ذَلِكَ اقْتِصَارًا عَلَى الْبَسْمَلَةِ، لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَجْمَعُ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ ذِكْرُ اللَّهِ وَقَدْ حَصَلَ بِها.
د - وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا وُقُوعُ كُتُبِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمُلُوكِ، وَكُتُبِهِ فِي الْقَضَايَا مُفْتَتَحَةً بِالتَّسْمِيَةِ دُونَ حَمْدَلَةٍ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ لَفْظَ الْحَمْدِ وَالشَّهَادَةِ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْخُطَبِ دُونَ الرَّسَائِلِ وَالْوَثَائِقِ.
هـ - لعله رَاعَى قَوْلَهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُوله) فَلَمْ يُقَدِّمْ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ شَيْئًا، وَاكْتَفَى بهَا عَنْ كَلَامِ نَفْسِهِ.
• افتتح البخاري كتابه بالرواية عن الحميدي:
أ - لِكَوْنِهِ أَفْقَهَ قُرَشِيٍّ أَخَذَ عَنْهُ، فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ امْتَثَلَ قَوْلَهُ ﷺ: (قَدِّمُوا قُرَيْشًا) فَافْتَتَحَ كِتَابَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنِه.
ب - وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ أُخْرَى: لِأَنَّهُ مَكِّيٌّ كَشَيْخِهِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ فِي أَوَّلِ تَرْجَمَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ كَانَ بِمَكَّةَ، وَمِنْ ثَمَّ ثَنَّى بِالرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ، لِأَنَّهُ شَيْخُ أَهْلِ الْمَدِينَةَ، وَهِيَ تَالِيَةٌ لِمَكَّةَ فِي نُزُولِ الْوَحْيِ.