للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب - وَقَالَ غَيْرُهُمْ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَظَاهِرُ الْأَمر بالتسوية يشْهد لَهُمْ.

[أدلة الجمهور في ندب التسوية]:

أَجَابَ مَنْ حَمَلَ الْأَمْرَ بِالتَّسْوِيَةِ عَلَى النَّدْبِ عَنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بِأَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَوْهُوبَ لِلنُّعْمَانِ كَانَ جَمِيعَ مَالِ وَالِدِهِ وَلِذَلِكَ مَنَعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ التَّفْضِيلِ.

ثَانِيهَا: أَنْ الْعَطِيَّة الْمَذْكُورَة لم تتنجز وَإِنَّمَا جَاءَ بَشِيرٌ يَسْتَشِيرُ النَّبِيِّ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تَفْعَلَ فَتَرَكَ

ثَالِثُهَا: أَنَّ النُّعْمَانَ كَانَ كَبِيرًا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْمَوْهُوبَ فَجَازَ لِأَبِيهِ الرُّجُوعُ.

رَابِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ ارْجِعْهُ دَلِيلٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَوْ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ.

خَامِسُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: (أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي) إِذْنٌ بِالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْإِمَامَ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَشْهَدُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحْكُمَ.

سَادِسُهَا: التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ: (أَلَا سَوَّيْتَ بَيْنَهُمْ) عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَبِالنَّهْيِ التَّنْزِيهُ.

سَابِعُهَا: وَقَعَ عِنْدَ مُسلم مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحْفُوظَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ: (قَارِبُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) لَا (سَوُّوا).

ثَامِنُهَا: فِي التَّشْبِيهِ الْوَاقِعِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ مِنْهُمْ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ.

تَاسِعُهَا: عَمَلُ الْخَلِيفَتَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَى عَدَمِ التَّسْوِيَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَرَوَاهُ الْمُوَطَّأُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ نُحْلًا فَلَوْ كُنْتِ اخْتَرْتِيهِ لَكَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ لِلْوَارِثِ وَأما عمر فَذكره الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ نَحَلَ ابْنَهُ عَاصِمًا دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ.

عَاشِراً: أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى جَوَازِ عَطِيَّةِ الرَّجُلِ مَالَهُ لِغَيْرِ وَلَدِهِ فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ جَمِيعَ وَلَدِهِ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يخرج عَنْ ذَلِك لبَعضهم.

• نقل ابن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ زكاة الفطر لَا تَجِبُ عَلَى الْجَنِينِ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَسْتَحِبُّهُ وَلَا يُوجِبُهُ، وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَةً عَنْهُ بِالْإِيجَابِ، وَبِهِ قَالَ ابن حَزْمٍ، لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ حَمْلِ أُمِّهِ بِهِ.

<<  <   >  >>