٣ - وَقِيلَ: الْمُرَادُ سُرْعَةُ الْقَبُولِ وَقِيلَ حُسْنُهُ.
٤ - وقيل: كِنَايَةً عَنِ الرِّضَا وَالْقَبُولِ.
قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: نُؤْمِنُ بِهذِهِ الْأَحَادِيثِ وَلَا نَتَوَهَّمُ فِيهَا تَشْبِيهًا وَلَا نَقُولُ كَيْفَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وابن عُيَيْنَة وابن الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِمْ.
• (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم):
قَالَ ابن الْمُنِيرِ: فِي قَوْلِهِ: (يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ الْحَسَنَ يُسَمَّى عِلْمًا وَتَعْلِيمًا، لِأَنَّ جِبْرِيلَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ سِوَى السُّؤَالِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ سَمَّاهُ مُعَلِّمًا، وَقَدِ اشْتَهَرَ قَوْلُهُمْ: [حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ] وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ انْبَنَتْ عَلَى السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ مَعًا.
• (فإنه فرض على بني إسرائيل صلاتان فما قاموا بهما).
جاء فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ
• (فأجره على الله)
أَطْلَقَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّفْخِيمِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ ذَكَرَ الْمُبَايَعَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِوُجُودِ الْعِوَضَيْنِ أَثْبَتَ ذِكْرَ الْأَجْرِ فِي مَوْضِعِ أَحَدِهِمَا، وجاء فِي الصَّحِيحَيْنِ بِتَعْيِينِ الْعِوَضِ فَقَالَ بِالْجنَّةِ، وَعَبَّرَ هُنَا بِلَفْظِ (عَلَى) لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ كَالْوَاجِبَاتِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ، لِلْأَدِلَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ.
• (فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس):
مِنْ جِنْسِ مَا يَأْكُلُ، لِلتَّبْعِيضِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ (مِنْ) وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ: (فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً)، فَالْمُرَادُ الْمُوَاسَاةُ لَا الْمُسَاوَاةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، لَكِنْ مَنْ أَخَذَ بِالْأَكْمَلِ كَأَبِي ذَرٍّ فَعَلَ الْمُسَاوَاةَ وَهُوَ الْأَفْضَلُ.
• (فليمسك عن الشرفإنه له صدقة)
قَالَ ابن بَطَّالٍ: فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ التَّرْكَ عَمَلًا وَكَسْبًا لِلْعَبْدِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّ التَّرْكَ لَيْسَ بِعَمَلٍ، وله شاهد في الْحَدِيثِ: (مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ) أي: إِذَا قَصَدَ بِتَرْكِهَا اللَّهَ تَعَالَى، وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ إِلَى الْعَمَلِ، وَهُوَ فِعْلُ الْقَلْبِ.