للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج - وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: الْمُرَادُ أَنَّ نَقْصَ الْعُصْفُورِ لَا يَنْقُصُ الْبَحْرَ بهَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ كَمَا قِيلَ:

وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ بهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

أَيْ لَيْسَ فِيهِمْ عَيْبٌ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ نَفْيَ النَّقْصِ أُطْلِقَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ.

د - وَقِيلَ: (إِلَّا) بِمَعْنَى: (وَلَا) أَيْ: وَلَا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ.

(مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم)

قَالَ ابن أَبِي جَمْرَةَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّرَاحُمَ وَالتَّوَادُدَ وَالتَّعَاطُفَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ بَيْنَهَا فَرْقٌ لَطِيفٌ: فَأَمَّا التَّرَاحُمُ: فَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَرْحَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأُخُوَّةِ الْإِيمَانِ لَا بِسَبَبِ شَيْءٍ آخَرَ، وَأَمَّا التَّوَادُدُ: فَالْمُرَادُ بِهِ التواصل الجالب للمحبة كَالتَّزَاوُرِ وَالتَّهَادِي، وَأَمَّا التَّعَاطُفُ: فَالْمُرَادُ بِهِ إِعَانَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا كَمَا يَعْطِفُ الثَّوْبَ عَلَيْهِ لِيُقَوِّيَهُ.

(مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ)

مِنَ اللَّطَائِفِ أن اخْتِصَاصَ الشَّعِيرِ بِذَلِكَ لِمَا فِي الْمَنَامِ مِنَ الشُّعُورِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ، فَحَصَلَتِ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ.

(من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة)

١ - أَيْ غُسْلًا كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ، فالتَّشْبِيهُ لِلْكَيْفِيَّةِ لَا لِلْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ.

٢ - قِيلَ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْجِمَاعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِيَغْتَسِلَ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ تَسْكُنَ نَفْسُهُ فِي الرَّوَاحِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَا تَمْتَدُّ عَيْنُهُ إِلَى شَيْءٍ يَرَاهُ.

(من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)

أ - الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا، أَوْ مُعْتَرِفًا لَكِنْ مُسْتَخِفًّا مُسْتَهْزِئًا بِمَنْ أَقَامَهَا.

ب - وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهَا مُتَكَاسِلًا لَكِنْ خَرَجَ الْوَعِيدُ مَخْرَجَ الزَّجْرِ الشَّدِيدِ، وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَقَوْلِهِ: (لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) وهو أقرب التأويلات.

ج - وَقِيلَ: هُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ، كَأَنَّ الْمَعْنَى: فَقَدْ أَشْبَهَ مَنْ حَبِطَ عَمَلُهُ.

د - وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَادَ أَنْ يَحْبَطَ.

هـ - وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَبَطِ نُقْصَانُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى اللَّهِ فَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الصَّلَاةُ خَاصَّةً أَيْ لَا يَحْصُلُ عَلَى أَجْرِ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَلَا يَرْتَفِعُ لَهُ عَمَلُهَا حِينَئِذٍ.

<<  <   >  >>