للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» (١) أما بعد، فإنّ الله رضي لكم السمع والطاعة، وجنّبكم الفرقة والمعصية والاختلاف، ونبّأكم أن قد فعله الذين من قبلكم، وتقدّم إليكم فيه ليكون له الحجة عليكم إن عصيتموه، فاقبلوا نصيحة الله، واحذروا عذابه، فإنكم لن تجدوا أمّة هلكت إلاّ من بعد أن تختلف، لا يكون لها رأس يجمعها، ومتى تفعلوا ذلك لا تقم الصلاة جميعا، ويسلط عليكم عدوكم، ويستحلّ بعضكم حرم بعض، ومن يفعل ذلك لا يقم دينه وتكونوا شيعا، وقد قال الله لرسوله، وقوله الحق: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ» (٢) إني أوصيكم بما أوصاكم الله، وأحذركم عذابه؛ فإن شعيبا قال لقومه «يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ. وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ» (٣).

(وكتب كتابا آخر: بسم الله الرحمن الرحيم (٤) أما بعد: فإن أقواما ممن كان يقول في هذا الحديث: أظهروا للنّاس إنّما تدعون إلى كتاب الله والحقّ، ولا تريدون الدنيا ولا منازعة فيها، فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتّى؛ منهم آخذ للحق ونازع عنه حين يعطاه، ومنهم تارك للحق رغبة في الأمر


(١) سورة الفتح، آية ١٠.
(٢) سورة الأنعام، آية ١٥٩.
(٣) سورة هود، الآيتان ٨٩، ٩٠.
(٤) ما بين الحاصرتين عن التمهيد والبيان لوحة ٩٨.