للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريد أن ينتزوه بغير حقّ، وطال عليهم عمري، وراث عليهم أملهم فيّ، فاستعجلوا القدر (١)، وقد كانوا كتبوا إليكم أنهم قد رضوا بالذي أعطيتهم، ولا أعلم أني تركت من الذي عاهدت لهم عليه شيئا، وكانوا زعموا يطلبون الحدود، فقلت: أقيموا عليّ من علمتم من قريب أو بعيد. وقالوا: كتاب الله يتلى، فقلت: ليتله من تلاه غير غال فيه. وقالوا: المحروم يرزق، والمال يوفّر، وتستنّ السّنّة الحسنة، ولا تتعدّ إلى الخمس والصدقة، ويؤمّر ذو والقوّة والأمانة، وتردّ مظالم الناس إلى أهلها، فرضيت بذلك، فقلت: فما تأمرون؟ قالوا: تؤمّر عمرو بن العاص، وعبد الله بن قيس ويقرّ جنده الراضون (٢)، وامره فليصلح أرضه فكلّ ذلك فعلت، وإنّه لم يرضهم ذلك (٣) فمنعوني الصلاة، وحالوا بيني وبين المسجد، وانتزوا ما قدروا عليه بالمدينة، وهم يخيّرونني بين إحدى ثلاث: إما أن يقيدوني بكل رجل أصيب خطأ أو عمدا؛ أخذت به غير متروك لي منه شيء، وإما أن أفتدي بالأمر فأعتزل ويؤمّروا آخر، وإما أن يرسلوا إلى من أطاعهم من أهل الجنود وأهل المدينة فيتبرّأون من الذي جعل الله عليهم من السمع والطاعة. فقلت لهم: أما إقادة نفسي فقد كان قبلي خلفاء، ومن يتولّ السلطان يخطئ ويصيب فلم يستقدمن أحد منهم، وقد علمت أنهم يريدون بذلك نفسي، وأما أن أتبرأ من الأمر فإن يصلبوني أحبّ إليّ من أن أتبرّأ من جند


(١) من أول الخبر إلى هنا في التمهيد والبيان لوحة ٩٦، ٩٧، ٩٨.
(٢) كذا في الأصل ولعلها «الرابضون».
(٣) بياض في الأصل بمقدار كلمتين والمثبت يقتضيه السياق.