للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذ يقول حميد: هو: «وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ» حتى بلغ:

«وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (١) فكانت تلك الأموال خالصة لرسول الله لم يجب لأحد فيها خمس ولا مغنم، إذ تولّى رسول الله أمرها على ما يلهمه الله من ذلك ويأذن له به، لم يضربها رسول الله ، ولم يحزها لنفسه ولا أقربائه، ولكنه آثر بأوسعها وأعمرها وأكثرها نزلا أهل العدم من المهاجرين «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَ رِضْواناً وَ يَنْصُرُونَ اللهَ وَ رَسُولَهُ»، وقسم طوائف منها في أهل «الحاجة» (٢) من الأنصار، واحتبس منها فريقا لنوائبه وحقه وما يعروه غير معتقد لشيء من ذلك ولا مستأثر به ولا بموته أن يؤثر به أحدا، ثم جعله صدقة لا تراث لأحد فيه، زهادة في الدنيا ومحقرة لها، وإيثارا لما عند الله، فهذا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب. وأما الآية التي في تفسيرها اختلاف في قول الفقهاء قول الله: «ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى» إلى قوله: «وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» (٣)، ثم أخبر بعد ذلك لهن ذلك، فوصفهم وسماهم ليكون ذلك فيهم وفيمن بعدهم، لا يكون ذلك إلا لهم وفيهم، فأما قوله: «فَلِلّهِ» (٤) فإن الله غني عن الدنيا وأهلها وما فيها


(١) سورة الحشر آية ٦.
(٢) في الأصل «أهل الجاهلية» والمثبت عن معالم التنزيل للبغوي بهامش تفسير ابن كثير ٢٨٧:٨ وقد حصرهم المصنف في أبي دجانة، وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة.
(٣) سورة الحشر آية ٧.
(٤) إضافة يقتضيها السياق.