للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله ذلك كلّه ولكنه يقول لله في سبله التي أمر بها. وأما قوله:

«وَ لِلرَّسُولِ» فإن رسول الله لم يأخذ من المغنم إلا كحظّ الرجل الواحد من المسلمين، ولكنه يقول: لرسول الله قسمه والعمل به والحكم فيه. وأما قوله: «وَ لِذِي الْقُرْبى» فقد ظن ناس أن لذي القربى سهما مفروضا يبينه الله كما بيّن سهام المواريث من النصف والربع والثمن والسدس، ولما خص حظّهم من ذلك غنى ولا فقر ولا صلاح ولا جهل ولا قلة عدد ولا كثرة، ولكن رسول الله قد بين لهم شيئا من ذلك مما أفاء الله عليهم من العطاء والسبي والعرض والصامت (١)، ولكن لم يكن في ذلك سهم مفروض حتي قبض الله نبيّه، غير أنه قد قسم لهم ولنسائه يوم خيبر قسما لم يعمهم عامتهم، ولم يخص به قريبا دون من هو أحوج منه، ولقد كان يومئذ ممن أعطى من هو أبعد قرابة لمّا شكوا إليه من الحاجة، لمن كان منهم ومن قومهم في حياته، ولو كان ذلك مفروضا لم يقطعه عنهم أبو بكر ولا عمر ، وبعد ما وسع ركنه - ولا أبو حسن - يعني عليّا - حين ملك ما ملك. ولم يكن عليه فيه قائل، فهلا أعلمتم من ذلك أمرا يعمل به فيهم ويعرف لهم بعد؟ ولو كان ذلك مفروضا لم يقل الله: «كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم» ولكنه يقول: لذي القربى بحقهم، وقرابتهم في الحاجة، والحق النازل اللازم، وكحق المسكين في مسكنه، فإذا استغنى فلا (٢) حق له، وكحق ابن السبيل في سفره وضرورته،


(١) الصامت - من المال هو: الذهب والفضة (أقرب الموارد).
(٢) في الأصل «من لا حق له» والمثبت يستقيم به السياق.