للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان أكثر بنيه ثباتا من بعده عادا وثمودا (١)، وكانا من البغي كفرسي رهان، فأما عاد فأهلكهم الله بالريح العقيم والعذاب الأليم، وأما ثمود فرماها الله بالدّمالق (٢) وأهلكها بالصواعق، وكانت بنو هانئ بن هدلول بن هرولة بن ثمود تسكنها (٣) وهم الذين خطّوا مشايرها (٤)، وأتّوا جداولها (٥)، وأحيوا غراسها، ورفعوا عريشها، ثم إن ملوك حمير (٦) ملكوا معاقل الأرض وقرارها ورؤوس الملوك وغرارها (٧) وكهول الناس وأغمارها (٨) حتى بلغ أدناها أقصاها، وملك أولاها أخراها، فكان لهم البيضاء والسّوداء وفارس الحمراء، والجزية الصفراء (٩)، فبطروا النّعم واستحقوا النّقم، فضرب الله


(١) في العقد الفريد ٣٦:٢ «فكان أكثر بنيه بناتا، وأسرعهم نباتا عاد وثمود».
(٢) الدملق والدمالق: الأملس المستدير الشديد الاستدارة من الحجارة، وفي حديث ثمود: رماهم الله بالحجارة أي بالحجارة الملس (تاج العروس ٣٤٩:٦).
وانظر النهاية في غريب الحديث ١٣٤:٢ من حديث ظبيان وفيه «رماهم الله بالدمالق» أي بالحجارة الملس، يقال دملقت الشيء ودملكته: إذا أدرته وملسته».
(٣) في العقد الفريد ٣٧:٢: وككانت بنو هانئ من ثمود تسكن الطائف.
(٤) مشايرها: ديارها، الواحدة مشارة، وهي مفعلة من الشارة، والميم زائدة، (النهاية في غريب الحديث ٥١٨:٢) وفي العقد الفريد ٣٧:٢: خطوا مشاربها.
(٥) وأتّوا جداولها: أي سهلوا طرق المياه إليها، يقال أتى الماء تأتية إذا سهله وأصلح مجراه (النهاية في غريب الحديث ٢١:١، والعقد الفريد ٣٧:٢).
(٦) الإضافة عن النهاية في غريب الحديث ٢٨١:٣. والمعاقل: الحصون.
(٧) المثبت عن النهاية في غريب الحديث ٣٥٥:٣. الغرار والأغرار: جمع غر، وهو المحمود الذي من طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر.
(٨) الأغمار: جمع غمر مثلثة العين، وهو الحدث الذي لا تجربة له (العقد الفريد ٣٧:٢).
(٩) وكانت لهم البيضاء والسوداء وفارس الحمراء والجزية الصفراء: أراد بالبيضاء الخراب من الأرض لأنه يكون أبيض لا غرس فيه ولا زرع.
وأراد بالسوداء العامر منها لاخضراره بالشجر والزرع، وأراد بفارس الحمراء تحكمهم عليه، وفي اللسان أراد بفارس الحمراء: العجم، وبالجزية الصفراء: الذهب؛ لأنهم كانوا يجبون الخراج ذهبا. (النهاية في غريب الحديث ١٧٢:١).