للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم ببعض وأهلكهم في الدنيا بالغدر، فكانوا كما قال شاعرنا:

الغدر أهلك عادا في منازلها … والبغي أفنى قرونا ساكني البلد

من حمير حين كان البغي مجهرة … منهم على حادث الأيام والنضد (١)

ثم إن قبائل من الأزد نزلوها على عهد عمرو بن عامر، نتّجوا فيها النّزائع (٢) وبنوا فيها المصانع (٣)، واتخذوا فيها الدسائع (٤)، فكان لهم ساكنها وعامرها وقاربها وسائرها حتى نقلتها مذحج بسلاحها ونحّتهم عن بواديها فأجلوا عنها مهانا وتركوها عيانا وحاولوها أزمانا، ثم ترامت مذحج بأسنتها وتشزّنت (٥) بأعنتها فغلب العزيز أذلها، وأكل الكثير أقلها وكنا معشر يحابر (٦) أوتاد مرساها، ونظاهر أولاها، وصفاء مجراها، فأصابنا بها القحوط، وأخرجنا منها القنوط، بعد ما غرسنا بها الأشجار وأكلنا بها الثمار، وكان بنو


(١) النضد: العز والشرف، يقال لبني فلان نضد أي شرف (أقرب الموارد «نضد»).
(٢) في الأصل كلمة لا تقرأ والتصويب عن النهاية في غريب الحديث ٤١:٥، وكذا تاج العروس ٣٢٧:٥، والنزائع أي الإبل الغرائب انتزعوها من أيدي الناس، وقيل النزيعة من النجائب التي تجلب إلى غير بلادها ومنتجها، والعبارة في العقد الفريد ٣٧:٢ «ففتحوا فيها الشرائع .. وبنوا .. والشرائع موارد الشاربة الواحدة شريعة.
(٣) المصانع: المباني من القصور والحصون (العقد الفريد ٣٧:٢).
(٤) الدسائع: قيل العطايا، وقيل الدساكر، وقيل الجفان والموائد (النهاية في غريب الحديث ١١٧:٢، والعقد الفريد ٣٧:٢).
(٥) التشزن: التأهب والتهيؤ للشيء والاستعداد له، ومنه حديث عائشة أن عمر دخل على النبي يوما فقطب وتشزّن له، وحديث الخدري أتى جنازة فلما رآه القوم تشزنوا ليوسعوا له (النهاية في غريب الحديث ٤٧١:٢)، والعبارة في العقد ٣٧:٢ وتنزّت بأعنتها: تنزّت: توثبت.
(٦) يحابر أبو مذحج، حيث إن نسبهم مذحج بن يحابر بن مالك كما سبق أول الحديث.