للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن سعيد: أن عمر قال: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب، قال: ممن؟ قال: من الحرقة (١) -


=الجبل - مرتين أو ثلاثة - ثم أقبل على خطبته فقال بعض الحاضرين: لقد جنّ؛ إنه لمجنون. فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف - وكان يطمئن إليه - فقال: إنك لتجعل لهم على نفسك مقالا؛ بينا أنت تخطب إذ أنت تصبح: يا سارية الجبل. أي شيء هذا؟ قال: والله إني ما ملكت ذلك؛ رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم فلم أملك أن قلت يا سارية الجبل؛ ليلحقوا بالجبل. فلبثوا إلى أن جاء رسول سارية بكتابه: إن القوم لقونا يوم الجمعة فقاتلناهم حتى إذا حضرت الجمعة سمعنا مناديا ينادي يا سارية الجبل - مرتين - فلحقنا بالجبل، فلم نزل قاهرين لعدونا إلى أن هزمهم الله وقتلهم. فقال أولئك الذين طعنوا عليه! دعوا هذا الرجل فإنه مصنوع له.
وروى ابن حجر في الإصابة ٣:٢ نقلا عن عمر بن شبة: أن سارية ولاه ناحية فارس، وله يقول يا سارية الجبل، وهو سارية بن زنيم بن عمرو بن عبد الله بن جابر ابن محمية بن عبد بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناف بن كنانة الدئلي. قال المرزباني كان سارية مخضرما، وقال العسكري: روى عن النبي ولم يلقه - وانظر أسد الغابة ٢٤٤:٢.
(١) وعن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر أتى أهلها إليه حين دخل بئونه من أشهر العجم فقالوا له: أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها. فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إنه إذا كان لثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها شيئا من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل، فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون في الإسلام:
فإن الإسلام يهدم ما قبله، فأقاموا بئونة وأبيب ومسرى لا يجري قليلا ولا كثيرا، حتى هموا بالجلاء، فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه عمر قد أصبت إن الإسلام يهدم ما قبله وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها في داخل النيل إذا أتاك كتابي. فلما قدم الكتاب على عمرو فتح البطاقة فإذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الواحد القهار يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك. فألقى عمرو البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيوم، وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها لانهم لا يقوم بمصلحتهم منها إلا النيل - فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ستة عشر ذراعا، وقطع تلك السنة السوء عن أهل مصر إلى اليوم.