للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين أظهر المسلمين، وعلى أن يقروا ضيفهم يوما وليلة، وعلى أن يحملوا راجلهم من رستاق (١) إلى رستاق، وعلى أن يناصحوهم ولا يغشوهم، وعلى أن لا يمالئوا عليهم عدوّا، فمن وفى وفينا له، ومنعناه مما نمنع منه نساءنا وأبناءنا، ومن انتهك شيئا من ذلك استحللنا بذلك سفك دمه وسباء أهله وماله، فقال له قسطنطين: يا أمير المؤمنين اكتب لي به كتابا (٢)، فقال: نعم، ثم و كّد عمر فقال:

إلا أن أستثني عليك ميرة الجيش، فقال له النبطي: لك ثنياك، وقبّح الله من أقالك. فلما فرغ قال له قسطنطين: يا أمير المؤمنين، قم في الناس فأعلمهم كتابك لي ليتناهوا عن ظلمي، والعسار علينا، فقام عمر فخطب خطبة نبي الله ، فلما بلغ «من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له» قال النبطي: إن الله لا يضل أحدا، فقال عمر ما يقول؟ قالوا: يا أمير المؤمنين شيء تكلم به، فعاد عمر في الخطبة وعاد النبطي، فقال عمر : أفترون ما يقول؟ قالوا: يقول إن الله لا يضل أحدا. فقال عمر : والذي نفسي بيده لئن عدت لها لأضربن الذي فيه عيناك، فمضى عمر في خطبته. فلما فرغ قام إليه قسطنطين فقال: يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فاقضها لي فإن لي عليك حقا. قال: ما حقك علينا؟ قال: إني أوّل من أقر بالصّغار، قال: وما حاجتك؟ إن كان لك فيها منفعة فعلنا. قال غدا (٣) عندي أنت وأصحابك، قال


(١) الرستاق: والجمع رساتيق وهي قرى السواد (تاج العروس - محيط المحيط).
(٢) وانظر تاريخ دمشق لابن عساكر ١٧٨، ١٧٩.
(٣) كذا بالأصل ولعلها «غداؤك عندي أنت».