للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَالةُ الثَّانِيةُ:

أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ إِمَامِهِ، مُسْتَقِلًّا بِتَقْرِيرِهِ بِالدَّلِيلِ، لَكِنْ لَا يَتَعَدَّى أُصُولَهُ وَقَوَاعِدَهُ، مَعَ إِتْقَانِهِ لِلفِقْهِ وَأُصُولِهِ، وَأَدِلَّةِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ، عَارِفًا (١) بِالقِيَاسِ وَنحْوِهِ، تَامَّ الرِّيَاضَةِ، قَادِرًا عَلَى التَّخْرِيجِ وَالاسْتِنْبَاطِ، وَإِلْحَاقِ الفُرُوعِ بِالْأُصُولِ وَالقَواعِدِ الَّتِي لإمَامِهِ.

وَقِيلَ (٢): "وَلَيْسَ مِنْ [شَرْطِهِ: مَعْرِفَةُ هَذَا] (٣) عِلْمَ الْحَدِيثِ، وَاللُّغَةَ، وَالْعَرَبِيَّةَ؛ لِكَوْنِهِ يَتَّخِذُ نُصُوصَ (٤) إِمَامِهِ أُصُولًا يَسْتَنْبِطُ مِنْهَا الأْحْكَامَ؛ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، وَقَدْ يَرَى حُكْمًا ذَكَرَهُ إِمَامُهُ بِدَليلٍ، فَيَكْتَفِي بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَحْيثٍ عَنْ مُعَارِضٍ أَوْ غَيْرِهِ". وَهُوَ بَعِيدٌ.

وَهَذَا شَأْنُ أَهْلِ الْأَوْجُهِ وَالطُّرُقِ فِي الْمَذَاهِبِ، وَهُوَ حَال أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الطَّوَائِفِ الْآنَ.

* فَمَنْ عَمِلَ بِفُتْيَا هَذَا؛ فَقَدْ قَلَّدَ إِمَامَهُ دُونَهُ؛ لِأَنَّ مُعَوَّلَهُ عَلَى صِحَّةِ إِضَافَةِ مَا يَقُولُ إِلَى إِمَامِهِ؛ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِتَصْحِيحِ نِسْبَتِهِ إِلَى الشَّارعِ بِلَا وَاسِطَةِ إِمَامِهِ.

وَالظَّاهِرُ: مَعْرِفتهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ حَدِيثٍ وَلُغَةٍ وَنَحْوٍ.

وَقِيلَ (٥): "إِنَّ فَرْضَ الْكِفَايةِ لَا يَتَأَدَّى بِهِ؛ لَأَنَّ تَقْلِيدَهُ نَقْصٌ وَخَلَلٌ فِي الْمَقْصُودِ".


(١) من (أ) و (ح) و (ش)، وفي (ب) و (ص): عالمًا.
(٢) القائل هو: ابن الصلاح. (أدب المُفتي): ٩٥.
(٣) من (أ)، (ح)، وفي (ب) و (ص): شرط هذا معرفة.
(٤) من (ب) و (ص)، وفي (ح): بنُصوص، وفي (أ): أصول.
(٥) هو قول لبعض الأئمة حكاه ابن الصلاح في (أدب المُفتي): ٩٥.

<<  <   >  >>