للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمُفْتِي الْمُنْتَسِبِ إِلَى مَذْهَبِ [إِمَامِهِ] (١) مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ إِمَامَهُ فِيهِ.

- وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ انْتَسَبَ إِلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ؛ انْبَنَى عَلَى أَنَّ الْعَامِّيَّ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، يَأْخُذُ بِرُخَصِهِ وَعَزَائِمِهِ؟

وَفِيهِ مَذْهَبَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، كَمَا لَمْ يَلْزَمْ فِي عَصْرِ أَوَائِلِ الْأُمَّةِ أَنْ يَخُصَّ الْعَامِّيُّ عَالِمًا مُعَيَّنًا بِتَقْلِيدٍ (٢) لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا: "كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ".

فَعَلَى هَذَا: هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ عَلَى أَيِّ مَذْهَبٍ شَاءَ، أَوْ يَلْزَمَهُ أَنْ يَبْحَثَ حَتَّى يَعْلَمَ عِلْمَ مِثْلِهِ أَسَدَّ الْمَذَاهِبِ وَأَصَحَّهَا أَصْلًا، فَيَسْتَفْتِيَ أَهْلَهُ (٣)؟

فِيهِ مَذْهَبَانِ؛ كَالْمَذْهَبَيْنِ اللَّذَيْنِ (٤) سَبَقَا فِي إِلْزَامِهِ بِالْبَحْثِ عَنِ الأْعْلَمِ وَالأْفْقَهِ مِنَ الْمُفْتِينَ.

وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَهُوَ جَارٍ فِي كُلِّ مَنْ لَمْ يبْلُغْ رُتْبَةَ (٥) الاجْتِهَادِ مِنَ الفُقَهَاءِ وَأَرْبَابِ سَائِرِ الْعُلُومِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ اتِّبَاعُ أَيِّ مَذْهَبٍ شَاءَ لَأَفْضَى إِلَى أَنْ يَلْتَقِطَ رُخَصَ الْمَذَاهِبِ مُتَّبِعًا هَوَاهُ، [وَمُتَخَيِّرًا] (٦) بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّجْوِيزِ، وَفِيهِ انْحِلالٌ


(١) من (ب).
(٢) في (ب) و (ص): يقلده، وفي (د): بتقليده.
(٣) من (أ) و (د)، وفي (ب): أهلها.
(٤) في (ب): الذي.
(٥) من (ب) و (د)، وفي (أ) و (ص): درجة.
(٦) من (أ)، وفي (ب): متخيرًا.

<<  <   >  >>