قال ابن حمدان في "نهاية المبتدئين": "أسلم الطرق التسليم، في سلم دين من لم يُسلِم لله ولرسوله، ورد علم ما اشتبه إلى عالمه، ومن أراد علم ما يمتنع علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه؛ حَجَبَه مرامُه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان، فيتردد بين الإقرار والإنكار؛ موسوسًا، تائهًا، شاكًّا، زائغًا، متحيرًا، تائهًا، لا مؤمنًا مصدقًا، ولا جاحدًا مكذبًا، ولا موقنًا محققًا، ومن لم يتوق النفي والتشبيه ضل ولم يصب التنزيه، والتعمق في الفكر ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، ومادة التوهمان والولهان، فإنه يفتح باب الحيرة غالبًا، وقلّ أن يكون ملازمه إلا خائبًا، وللوهم جالبًا، وللبعد طالبًا، وللأمة مجانبًا أو مغاضبًا، والأَمن واليأس ينقلان عن الملة، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة، فإنه بين الغلو والتقصير، والتشبيه والتعطيل، وبين الجبر والقدر، والأَمن واليأس؛ فعليك باتباع السنة والآثار دون أهل الافتكار والابتكار، فإن قليل ذلك مع الفطنة كثير، وكثيره من البَلَه مضر يسير، والممعن في التعمق مذموم، والحريص على التوغل في اللهو محروم، والإسراف في الجدال يوجب معاداة الرجال، ويثير الفتن، ويولد الإحن، ويقلل الهيبة، ويكثر الخيبة، في يبقى لمبتدئ قرار، ولا لمنته اختيار، في يفيد الشَنَآن وقد علم كل أناس مشربهم، فإن الله - تعالى - لا تفهمه الأَفهام، ولا توهمه الأَوهام؛ فعليك بطلب الحق والصدق، والوقوف معهما، وترك التنفير عنهما، والدخول فيما لا يلزمك فإنه