خرج المؤلف إلى الدنيا ليجد نفسه منتميًا لبيت من بيوت العلم، تتردد في جنبات البيت شتى أنواع العلوم الدينية وغيرها، ويجد نفسه منسوبًا إلى بلدٍ - حران - مليئة بالعلماء وطلبة العلم، يقصدونها من شتى بقاع الأَرض، فمن الطبيعي أن يتشبع بما تشبعت به بيئته الداخلية والخارجية، فبدأ في طلب العلم مبكرًا، وهو في سن التاسعة، على معلمه الأَول المحدث الحافظ عبد القادر الرهاوي، حيث سمع منه خمسة عشر جزءًا، تفرد بعلوها، وهو آخر من روى عنه، ثم سمع كثيرًا من الخطيب فخر الدين بن تيمية، وبقراءته عليه، وبقراءة ابنه عبد الغني، ومجد الدين بن تيمية، وغيرهم.
وقد أجملهم الذهبي، فقال:"كان من كبار أصحاب الشيخ المجد، وقرأ على ابن جميع "الجدل الكبير" لابن المني، وبعض "تعليقه" و"منتهى السول" وغير ذلك، وقرأ على ابن أَبي الفهم "مختصر الخرقي" و"الهداية" وبعض "العمدة"، وسمع عليه أشياء كثيرة منها: "جامع المسانيد" لابن الجوزي، وسمع على سلامة الصولي الحراني كثيرًا من "الطبقات" لابن سعد، وقرأ عليه ما صنفه في الحساب والجبر والمقابلة، وسمع الكثير من جماعة من أهل العلم بحران منهم: ابن روزبه حيث سمع عليه الكثير، ومن سماعه "صحيح البخاري"، وابن صُدَيق، وأحمد بن سلامة النجار الحراني، وعند بلوغه سن الثمانية عشر ونصف من عمره أخذ في مدارسة شيوخه ومناظرتهم في المسائل العلمية المختلفة".