للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* وَقَدْ يَحْكِي أَحَدُهُم فِي كِتَابِهِ أَشْيَاءَ يَتَوَهَّمُ (١) الْمُسْتَرْشِدُ أَنهَا إِمَّا مَأْخُوذَةٌ مِنْ نُصُوصِ الْإِمَامِ، أَوْ مِمَّا اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى نِسْبَتِهَا إِلَى الْإِمَامِ مَذْهَبًا لَهُ، وَلَا يَذْكُرُ الْحَاكِي لَهُ مَا يدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَنهُ اخْتِيَارٌ لَهُ، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدِ اسْتَنْبَطَهُ، أَوْ رَآهُ وَجْهًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، أَوِ احْتِمَالًا، فَهَذَا أَشْبَه (٢) التدْليسَ، فَإِنْ قَصَدَهُ؛ فَشِبْهُ الْمَيْنِ (٣)، وَإِنْ وَقَعَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا؛ فَهُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ البَلَادَةِ وَالشَّيْنِ، كَمَا قِيلَ:

فَإِنْ (٤) كُنْتَ لَا تَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ ... وَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ (٥)

* وَقَدْ يَحْكُونَ فِي كُتُبِهِمْ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ صِحَّتَهُ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْعَمَلُ بِهِ، ويُرْهِقُهُمْ (٦) إِلَى ذَلِكَ تكْثِيرُ الأقَاوِيلَ؛ لَأَنَّ مَنْ يَحْكِي عَنِ الإْمَامِ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَة، أَوْ يُخَرِّجُ خِلَافَ الْمَنْقُولِ عَنِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى [وَجْهِ] (٧) الْجَمْعِ، بَلْ إِمَّا [عَلَى] (٨) التَّخْيِيرِ، أَوِ الوَقْفِ، [أَوِ الْبَدَلِ] (٩)، أَوِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجه يَلْزَمُ عَنْهُمَا قَوْلٌ وَاحِدٌ، بِاعْتِبَارِ حَاليْنِ أَوْ مَحَلَّيْنِ.

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأقْسَامِ حُكْمُهُ خِلَافُ حُكْمِ هَذ الْحِكَايَةِ عِنْدَ تَعَرِّيهَا عَنْ قَرِينَةٍ مُقَيِّدَةٍ لِذَلِكَ، وَالْغَرَضُ كَذَلِكَ.


(١) من (ب) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (أ): فيوهم.
(٢) من (ب) و (ص) و (ظ)، وفي (أ): شبه، وفي (غ): شبيه.
(٣) المَيْنُ: الكذب. يُنظر (تهذيب اللغة) مادة: مين.
(٤) من (أ) و (ص) و (ظ) و (غ)، وفي (ب): إن.
(٥) نُسب هذا البيت إلى معاوية بن عادية الفزَّاري، والبيت من البحر الطويل.
(٦) من (أ) و (غ)، وفي (ب): مرهقهم، وفي (ظ): يدفعهم.
(٧) من (ب).
(٨) من (أ).
(٩) من (أ) و (ب)، وليست في (غ).

<<  <   >  >>