وباطن الحلق؛ فمن ثم وقع الخلاف في وجوب المضمضة والاستنشاق.
{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ}[المائدة: ٦] عام ثم إن قيل: حد اليد إلى تحت الإبط كما فهمه الصحابة أولا، فقد خص منها ما بين المرافق والآباط؛ وإن قيل: إن حدها إلى الكوع؛ كما في قطع السارق؛ فهو عام مطرد؛ وزيد عليه ما بين الكوع إلى المرفق، بالغاية المذكورة إلى المرافق؛ وبهذا [يتضح القول] في دخول المرافق في الغسل؛ فعلى حد اليد الأول يكون دخول المرفق في الغسل بعموم لفظ اليد بعد تخصيص ما فوق المرفق إلى الإبط وعلى حدها الثاني. ينبني على أن «إلى» بمعنى مع على غير المختار، فيدخلان في الغسل أو على أصلها في الغاية؛ فينبني على أن الغاية تتناول ما بعدها، فيه أقوال.
ثالثها: إن كان من جنسها، تناولته وإلا فلا، وهو اختيار المبرد.
ورابعها: أنها مجملة في التناول وعدمه، يقف على الدليل فإن قلنا: يتناوله مطلقا، أو إذا كان من جنسها دخل/ [١٣١/ل] في الغسل هاهنا؛ لأن المرفق من جنس اليد، وإن قلنا: يتناول ما بعدها، أو هي مجملة يحتمل التناول وعدمه، ففيه قولان:
أحدهما: يدخل في الغسل؛ لبيان النبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك بفعله حيث توضأ فغسل يديه، وأدار الماء على مرفقيه.
والثاني: لا يدخل، هو قول زفر بن الهذيل (١) من أهل العراق، عملا بمقتضى الغاية في عدم التناول أو اقتصارا على الأقل المتيقن إن جعلناها مجملة، ويحمل فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم في غسل المرافق على الاستحباب، والقول في {إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: ٦] نحو منه في {إِلَى الْمَرافِقِ}[المائدة: ٦].
{وَاِمْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: ٦] فيه مسائل:
الأولى: الباء، قيل: للإلصاق. وقيل: زائدة. فتقتضي تعميم الرأس بالمسح أي امسحوا رؤوسكم ملصقين بها أيديكم، وهو مذهب مالك أحمد رحمهما الله.
وقيل/ [٦٢ ب/م]: للتبعيض، فيقتضي إجزاء مسح بعضه، وهو مذهب الشافعي- رحمه الله-ولو شعرة لحصول مسمى المسح، والزيادة والتبعيض ضعيفان، وإن كان