بآدم، وأولى إذ كان لا من أب ولا من أم ولا أثر لخروجه من الرحم.
أو يقولون: ورد النص الإلهي بتسميته ابنا والله-عز وجل-له أبا؛ فيقال لهم: لا نسلم أن النص الإلهي ورد بذلك، ولا نسلم صحة ما تدعونه من النصوص. سلمناه لكنه ينتقض بيعقوب إذ قيل له في التوراة: أنت ابني بكري، وبقول المسيح للحواريين وغيرهم:
إن أباكم السماوي يراكم. وقوله: أذهب إلى أبي وأبيكم: وإلهي وإلهكم. فليكن هؤلاء كلهم آلهة لأجل هذه التسمية، وأنه باطل باتفاق.
{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(٧٦)[المائدة: ٧٦] هذا دليل آخر على عدم إلهية المسيح، وتقريره أن الإله يملك لكم الضر والنفع والمسيح لا يملك الضر والنفع، فالإله ليس بالمسيح، وينعكس كنفسه المسيح ليس بإله. والمقدمة الأولى واضحة، وأما الثانية فلأن المسيح لم يملك لنفسه ضرا ولا نفعا؛ إذ عند النصارى أنه قتل وصلب وقهر وظلم، فلم يمتنع، غير أن/ [١٤٨/ل] النصارى يتجاهلون ويزعمون أنه لم يعجز عنه نفع نفسه ولكنه هو أسلمها لعدوه إقامة للحجة عليهم، في أمور أخر/ [٧٠ أ/م] يرغب عن ذكرها لسخافتها وضعف عقل قائلها.
وأما إثبات رسالة المسيح-خلافا لليهود-فلأنه ادعى النبوة وأظهر المعجز على وفق دعواه، وكل من فعل ذلك فهو رسول صادق، فالمسيح رسول صادق.
أما أنه ادعى النبوة فبالتواتر، وقد صرح به القرآن في قوله-عز وجل-: {وَإِذْ قالَ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ}(٦)[الصف: ٦] وأما أنه أظهر المعجز على وفق دعواه، فبالتواتر أيضا كإحياء الموتى وغيره، من الخوارق التي هي كمعجزات موسى-عليه السّلام-وأعظم.
وأما أن كل من كان كذلك فهو رسول صادق: فلوجهين:
أحدهما: أن تأييد الله-عز وجل-من ادعى النبوة بالمعجز يتنزل منزلة قوله: صدق عبدي في دعواه أنه رسولي. بدليل أن إنسانا لو قال لجماعة بحضرة ملك أنا رسول الملك إليكم، ثم قال للملك: صدق دعواي بخرق عادة من عاداتك، ففعل الملك ذلك؛ علم بالضرورة صدق ذلك الإنسان في دعواه.
الثاني: لو لم يكن كل من أتى بالمعجز على وفق دعواه صادقا لجاز أن لا يكون موسى