كالحركة والسكون، والألوان والطعوم والأراييج والأكوان، وهي الاجتماع والافتراق وغير ذلك من الأعراض، [وإثباتها شهادة بالحس.
[الثانية: أن الأعراض] مغايرة للجواهر بدليل أن الجوهر الواحد يعاقب عليه الأضداد من الأعراض كالحركة والسكون والسواد والبياض، وذاته في الحالين واحدة فالجوهر الباقي غير العرض الفاني.
الثالثة: أن الأعراض لا تنفك عن الجواهر؛ إذ لو انفكت عنها لزم قيام العرض بذاته، وأنه محال.
الرابعة: أن الأعراض حادثة؛ لأنها تتعاقب على الجواهر وجودا وعدما مسبوقا بعضها ببعض، والحدوث من لوازم المسبوقية، والملزوم موجود قطعا، فاللازم كذلك.
الخامسة: أن ما لا ينفك عن الحادث أو لا ينفك عنه الحادث يجب أن يكون حادثا، إذ لو كان قديما مع أنه لم يفارق الحادث لزم تقدمه على الحادث؛ وذلك يوجب انفكاكه عن الحادث فيما قبل وجود الحادث، وذلك يستلزم أنه انفك عن الحادث/ [٧٩ ب/م] على تقدير أنه لم ينفك عنه، وأنه محال؛ ولأن زيدا وعمرا لو ولدا في ساعة واحدة، ثم استمرا إلى تسعين سنة من مولدهما استحال أن يكون أحدهما مائة دون الآخر.
وإذا ثبتت هذه المقدمات ثبت حدوث الجواهر لعدم انفكاكها عن الأعراض الحادثة، وينتظم البرهان هكذا: الجوهر لا يفارق الحوادث وكل ما لا يفارق الحوادث حادث، فالجوهر حادث.
والعالم إما جواهر وإما أعراض، وقد ثبت حدوثهما فالعالم المؤلف منهما بأسره حادث، والحادث إما أن يكون الموجد له هو، وهو محال، أو غيره فهو إما حادث؛ فيلزم الدور، أو التسلسل، أو قديم، وهو المطلوب، كما سبق تقريره، فهذه الطريقة العامة في إثبات حدوث العالم، وقدم الصانع، وهي مستفادة من إبراهيم-عليه السّلام-في مقامه هذا النظري، ولقد أوتي رشده من قبل ومتكلمو الإسلام تلاميذه في هذه الطريقة، وهي من أيسر الطرق وأحسنها، والرشد الإبراهيمي عليها ظاهر، ونور برهانها ساطع باهر.