الثالث: أن معنى الآية نفي رؤيته في الدنيا لا في الآخرة، ونزاعنا فيه.
الرابع: أن الأبصار عام أريد به الخاص، وهو أبصار الكفار في الآخرة، بدليل:{كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}(١٥)[المطففين: ١٥] وهو ضعيف.
الخامس: أن الآية عام خص بقوله: -عز وجل-: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ} (٢٣) / [١٧٣/ل]) [القيامة: ٢٢، ٢٣] وتمام الكلام في هذه المسألة يأتي في الأعراف، وغيرها إن شاء الله-عز وجل.
الفريق الثاني: الاتحادية، وهم القائلون بأن الباري-عز وجل-سار بذاته في الوجود كسريان الماء في العود/ [٨١ ب/م] ووجه احتجاجهم بها أنه-عز وجل-أخبر أنه في كل حال من الأحوال يدرك الخلق وهم لا يدركونه، وما ذاك إلا لأنه سار بذاته فيهم كالهواء الساري في العالم المتخلل لأجرامه، ثم بين ذلك بقوله:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(١٤)[الملك: ١٤] إشارة إلى أنه للطافة ذاته سرى في العالم؛ فهو يراهم، و [هم] لا يرونه للطافته وكذلك هو للطافته؛ وسريانه فيهم خبير بأحوالهم، وأكدوا هذا الاستدلال، بقوله-عز وجل-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}(١٦)[ق: ١٦]{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ}(٨٥)[الواقعة: ٨٥].