{ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ}(١٣١)[الأنعام: ١٣١] يحتج بها وبنظائرها المعتزلة، ووجه احتجاجهم أن أفعالهم لو كانت مخلوقة لغيرهم، لكان إهلاكهم بها ظلما لهم، واللازم باطل بهذه الآيات، فالملزوم كذلك، وأجاب الكسبية بأنها مكسوبة لهم، والجبرية بأنها لو فوضت إليهم لكانت معاصي يستحقون بها الهلاك، فعاملهم على حسب علمه فيهم.
{وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ}(١٣٢)[الأنعام: ١٣٢] وهذا يدل على ما ورد من أن دخول الجنة بفضل الله-عز وجل-واقتسام درجاتها بالأعمال.
{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ}(١٣٣)[الأنعام: ١٣٣] يستدل بها على استعمال القياس؛ لأنه قاس إهلاكهم واستخلاف غيرهم بعدهم على إهلاك من قبلهم، واستخلافهم بعدهم، وتلخيصه: يستخلف بعدكم أبناءكم كما استخلفناكم بعد آبائكم، وهو قياس تمثيل [١٧٧/ل].
{* وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}(١٤١)[الأنعام: ١٤١] يحتج به على جواز عطف الوجوب على الإباحة؛ لأنه عطف إيتاء الحق الواجب على الأكل المباح، وإذا جاز ذلك جاز عكسه؛ نحو:{وَآتُوا حَقَّهُ} و {كُلُوا؛ } وكذلك عطف سائر الأحكام بعضها على بعض؛ ويحتج به أيضا على جواز الخطاب بالمجمل؛ لأن الحق المذكور مجمل؛ وبينته السّنّة بنصف العشر أو كماله من خمسة أوسق فصاعدا، ونحو ذلك من أحكامه.