{* يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاِشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}(٣١)[الأعراف: ٣١] هذا من أصول الطب، وتدبير الأبدان، وهو الاقتصاد في المأكل والمشرب.
ويحكى أن جبرائيل بن بختيشوع الطبيب دخل على هارون الرشيد، وعنده قارئ؛ فقرأ هذه الآية؛ فقال الحكيم: يا أمير المؤمنين، ما ترك كتابكم شيئا من الطب إلا استوفاه في هذه الكلمات.
ووجه ذلك أن المقصود من الطعام والشراب إنما هو بقاء النفس بما يستحيل منه من الدم ويتجوهر منه من الروح الحاس والمدرك، فإذا اقتصد فيه، قويت المعدة على هضمه، فانصرف أكثره إلى المقصود، وبقي باقية تدفعه الطبيعة [ثفلا] فيبقى البدن خالصا من الفضول بعده كما كان قبله، وإذا أسرف فيه باقية الزائد على المقصود فضولا وأخلاطا في البدن خصوصا إن ضعفت المعدة عن هضمه، فتكون تلك الأخلاط غليظة ثم تتعفن تلك الأخلاط، فتولد أمراضا يكون منها العطب.
ويحكى عن جالينوس أنه قال: أنا أحب أن آكل لأعيش، وهؤلاء يحبون أن يعيشوا [١٨٥/ل] ليأكلوا، يعني أن الحكمة تقتضي أن تكون الحياة غاية الأكل والأكل وسيلة لها، والعامة عكسوا ذلك فجعلوا الأكل غاية الحياة، والحياة وسيلة له وهو دأب البهائم/ [٨٧ أ/م].
وقال ابن الرومي:
عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب
{وَكُلُوا وَاِشْرَبُوا}[الأعراف: ٣١] أمر إباحة {وَلا تُسْرِفُوا}[الأعراف: ٣١] بحتمل أنه نهي إرشاد، ويحتمل الكراهة.
{وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٣٣] هذا جامع لكل محرم، والخصال الأربع المذكورة، بعدة معطوفة عليه عطف الخاص على العام.
{قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ}(٣٣) [الأعراف: