أو خاص يراد به العام؛ نحو:{*وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً}(٢٣)[الإسراء: ٢٣]؛ إذ ليس المراد النهي عن خصوص التأفيف لا غير، بل وعن جميع أنواع أذاهما.
وتعرف هذه الأقسام بالدليل، وهذه قاعدة نفيسة عامة تجب مراعاتها، وإذ قد فرغنا من قاعدة العموم والخصوص، فنحن-إن شاء الله، عز وجل-كلما مررنا بلفظ عام وجهنا عمومه إن احتاج إلى ذلك، ثم بينا أنه باق على عمومه، أو خص بشيء، وبماذا خص، وفيم خص، وفي ذلك فوائد جمة، كل ذلك بحسب الإمكان، إن شاء الله عز وجل، وهو المستعان.
وكذلك كلما مررت بمسألة أصولية بينت أنها من أي أقسام ذلك الفن هي؛ إن كانت من أصول الدين بينت أنها من مسائل الإيمان بالله-عز وجل-/ [٧ أ/م]، أو ملائكته أو كتبه، أو رسله، أو اليوم الآخر، أو القدر. وإن كانت من أصول الفقه بينت أنها من مسائل الكتاب أو السّنّة أو الإجماع أو القياس أو غيرها. ومهما استوفيت الكلام على مسألة ثم تكررت أحلت بها على ما مضى، إلا أن يتضمن التكرار فائدة/ [١٣/ل] زائدة، فأذكرها إن شاء الله عز وجل.
وإنما رتبت هذا التعليق على ترتيب القرآن العزيز لوجوه:
أحدها: التبرك بترتيبه.
الثاني: أنه أضبط وأجدر بالإتيان على جميع المطالب المذكورة من القرآن.
الثالث: أن ذلك أنشط للناظر فيه؛ إذ يخرج من فن إلى غيره ومن مسألة إلى غيرها، فهو شبيه بما قصده الحريري (١) في مقاماته من الإحماض حيث قال: «وما قصدت بالإحماض فيه، إلا تنشيط قارئيه». وإن كمل هذا التعليق-إن شاء الله عز وجل- رجوت أن يكون دستورا نافعا، ولجملة صالحة من المطالب النفسية جامعا، إن شاء الله عز وجل. هذا آخر المقدمة.