في عموم دعوة الإسلام مع نصوص أخر من الكتاب والسّنّة، وعارضه اليهود والنصارى بقوله-عز وجل:{وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}(٤٦)[القصص: ٤٦] وذلك يقتضي اختصاص دعوته بالعرب الأميين دون غيرهم من الأمم والفرق الذين سبقت فيهم النذر، وأنزلت فيهم الكتب، وسيأتي جوابه في موضعه إن شاء الله-عز وجل.
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اُسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}(١٦١)[الأعراف: ١٦١] يحتج به مع نظيره في البقرة على أن الواو لا تقتضي الترتيب؛ لأن السجود قدم في إحداهما وأخر في الأخرى والقصة واحدة، فلو كان للترتيب لزم اختلاف الخبر، والكذب في أحد النصين وإنه محال.
{وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ}(١٦٣)[الأعراف: ١٦٣] يحتج بها الجبرية ونحوهم؛ لأن هذا اضطرار أو شبيه بالاضطرار لهم إلى المعصية؛ لأنه ألقى عليهم شهوة السمك وحرم عليهم العمل يوم السبت، ومنع الحيتان ألا تأتي إلا فيه فصار شبيها بما قيل:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء
وقد صرح بمعنى هذا حيث قال-عز وجل-: {وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ}[١٦٣] قالت المعتزلة الفرق بينهما أن هؤلاء المعتدين في السبت مختارون لصيد السمك بخلاف الملقى في الماء مكتوفا؛ إذ لا اختيار له، ثم باقي الآية لنا وهو {كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف: ١٦٣] دل على [أن ابتلاءهم] بذلك عقوبة على فسق صدر عنهم باختيارهم/ [١٩٨/ل] وهم علته التامة.
وجواب الكسبية/ [٩٣ أ/م] والجبرية عنه قد عرف.
ثم إن في ضمن هذه القصة احتيال أصحاب السبت على الصيد المحرم بأن نصبوا