{أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ اُدْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ}(١٩٥)[الأعراف: ١٩٥] احتج بها بعض المشبهة على إثبات الرجل واليد والعين والأذن لله- عز وجل-محتجا بأن الآية دلت على أن عدم هذه الجوارح صفة نقص للأصنام تمنعها من استحقاق الإلهية فإثباتها يجب أن يكون صفة كمال لله-عز وجل-مصححة لاستحقاق الإلهية عملا بموجب قيام العكس، ويجاب عنه بأن ليس معنى الآية ما فهمتم إنما معناه: أن الإنسان مع ثبوت هذه الجوارح قاصر عن رتبة الإلهية، والأصنام لفقد هذه الجوارح وغيرها/ [٢٠٥/ل] قاصرة عن رتبة الإنسان، والقاصر عن الشيء أولى بالقصور عن ذلك الشيء، أو نقول: الصنم قاصر عن رتبة الإنسان، والإنسان قاصر عن الإلهية، فالصنم قاصر عن الإلهية. وهذا أبلغ في الاستدلال، وإذا أمكن حمل الآية على هذا الوجه التنزيهي لم يجز حملها على تفسيركم التشبيهي.
{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ}(١٩٨)[الأعراف: ١٩٨] يحتج به المعتزلة على أن قوله-عز وجل-: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ} (٢٣)[القيامة: ٢٢، ٢٣] لا يقتضي رؤية الله-عز وجل- وإبصاره؛ لأن الآية المذكورة تضمنت إثبات النظر المقرون بإلى مع نفي الرؤية والإبصار، فدل على أن الأول لا يلزمه الثاني.
وجوابه: أن المشار إليه في الآية هم الأصنام، كأنهم ينظرون إلى الإنسان إذا قابلهم، لكونهم مصنوعين على صورة الإنسان، و [هم] لا يبصرون إبصارا حقيقيا لكونهم جمادا، بخلاف الحي إذا نظر إلى شيء فإن إبصار ذلك الشيء يحل لا محالة عند انتفاء موانع الرؤية.
٢٠٠] فيه إثبات الشيطان ونزغه وتعريضه بالإنسان في يقظته ومنامه، وإن الإنسان إذا وجد بعض ذلك يتعوذ بالله-عز وجل-من الشيطان وبذكر/ [٩٦ ب/م] الله عز وجل-يذهب غيّه الشيطاني ويبصر رشده الرحماني.