عدد أيام الأسبوع، غير أن كل يوم منها اثنان وسبعون ألف سنة، وأن المنقضي منها إلى وقت الطوفان المائي النوحي ستة أيام وقد بقي منها يوم واحد قد انقضى منه إلى عامنا هذا وهو عام «ست عشرة وسبعمائة» للهجرة ما بينه وبين الطوفان وهو نحو ثلاثة آلاف سنة تقريبا؛ فالباقي على قوله من أيام العالم نحو تسعة وستين ألف سنة، وزعم هذا القائل أن هذا أمر مبرهن، وذكر برهانه عليه في تاريخه، غير أن هذا بعيد لوجوه يستغنى عن ذكرها بأن هذا القول دهرية صغرى، فالأشبه الأول إن شاء الله، عز وجل.
{قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(١٨٨)[الأعراف: ١٨٨] يعني أن علم الغيب من خواص الإله لا من شأن الرسل؛ إذ إنما شأنهم التبليغ، كما قال:{إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: ١٨٨].
ورأيت بعض من ينسب إلى فضيلة ما يستشكل هذه الملازمة المذكورة [في الآية]، وهي الاستكثار من الخير على تقدير علم الغيب، وما ظننت أحدا يستشكل ذلك لوضوحه، فإن من علم الغيب/ [٩٦ أ/م] علم أسباب الخير فتلقاها وأسباب الشر (فتحاماها)، ألا ترى أن من مر بأرض فعلم أن بها كنزا سعى في إخراجه لينتفع به، ولو علم أن فيها نارا محرقة أو بئرا مهلكا أو ثعبانا ناهشا حاد عنها، فهذا أمر واضح لا يخفى عن ذي لب.
{فَلَمّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ}(١٩٠)[الأعراف: ١٩٠][زعم بعضهم أن المراد آدم وحواء؛ كانا لا يعيش لهما ولد فقال لهما إبليس: سموه عبد الحارث وهو اسمه؛ فإنه يعيش. فسمياه، فعاش فنقم الله-عز وجل- عليهما ذلك، ويحتج به من يجيز الكبائر على الأنبياء؛ لأن هذا كبيرة، وقد صدر من آدم وهو نبي، ولا برهان على ثبوت هذا عن آدم سمعي ولا نظري، غير أن ظاهر الآية ونظمها يقتضيه، فالله-عز وجل-أعلم].
وحمله بعض المفسرين على إشراك المشركين عموما بدليل أن في سياقه متصلا به:
{فَلَمّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (١٩١)[الأعراف: ١٩٠ - ١٩١] وهو جمع يطابق كثرة المشركين لا تثنية آدم وحواء.