والواقع قاطع في ذلك؛ إذ قد أدرك بالنظر علوم كثيرة.
الثالثة: أن المخلوقات بأسرها من حيث هي حكمة ومن حيث هي كل فرد فرد تدل على وجود الصانع وقدمه؛ لأن/ [٩٥ ب/م] كل فرد من أفراد المخلوقات هو إما جوهر أو عرض على رأي المتكلمين، وهو إما هيولي أو صورة أو جسم أو عقل أو نفس على رأي الفلاسفة، وعلى كل تقدير فذلك الفرد موجود فله موجد وليس موجده نفسه، وإلا لزم الدور، فهو غيره وهو إما معدوم وهو محال إذ المعدوم لا يؤثر، أو موجود، وهو إما حادث؛ فيلزم الدور أو التسلسل، أو قديم وهو المطلوب.
وهذا مستفاد من قوله-عز وجل-: {وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ}[الأعراف: ١٨٥] أي: كل شيء من المخلوقات يدل على صانعه هذه الدلالة، والنظر إما بالبصر وهو الرؤية أو بالقلب وهو العطف والرحمة، أو البصيرة وهو المراد هاهنا، وهو ترتيب أكثر من تصديق معلوم ترتيبا خاصا لاستعلام مجهول.