للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحسنى كلها أسماء بالاصطلاح النحوي، وعلى التفسير اللغوي ليس فيها اسم إلا الله والباقي صفات: إما ثبوتية، أو سلبية، أو إضافية، أو مركبة من ذلك.

{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} (١٨٢) [الأعراف:

١٨٢] إن قيل: استدراجهم إما إلى كمال المعصية، فتكذيبهم الآيات كفر عظيم، فلا فائدة للاستدراج، [أو إلى الإهلاك فالله-عز وجل-قادر على إهلاكهم مجاهرة على كفرهم في الحال، فلا فائدة للاستدراج].

ويجاب بأن فائدته الإملاء لهم ليؤخذوا على غرة وغفلة من غير توبة؛ كما قال-عز وجل-: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (١٨٣) [الأعراف: ١٨٣] {وَمِنَ الْإِبِلِ اِثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اِثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} (١٤٤) [الأنعام:

١٤٤] [وحينئذ يقال] للمعتزلة: أنتم توجبون رعاية الأصلح، والأصلح لهؤلاء أن يؤخذ بقلوبهم إلى الطاعة والإيمان، لا أن يستدرجوا إلى الموت على الكفر والعصيان، لكن إن كانوا لا يقولون بوجوب رعاية الأصلح مطلقا، بل بوجوبها في مقدمات التكليف وما يتوقف عليه لم يلزمهم هذا السؤال، غير أن المشهور عنهم الإطلاق حتى التزمه/ [٢٠٣/ل] بعضهم في دخول النار لأهلها، وقال: هو أصلح لهم، وقد حصل. ثم يقال:

استدراجهم إلى أخذهم على غرة وغير توبة، إما موجب لمقصوده فيلزم الجبر وعدم رعاية الأصلح، أو غير مؤثر أصلا، وهو نقص في القدرة والإرادة، وهو محال أو مرجح لمقصوده من غير إيجاب، فيلزم مقدور بين قادرين، وإعانة الله-عز وجل-لهم على فعل القبيح فيستحق من الذم ونسبة الجور إليه بقدر مشاركته في ذلك، وكله محال، فدل على صحة مذهب الجبر والتفويض.

{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اِقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (١٨٥) [الأعراف: ١٨٥] في هذه الجملة مسائل: الأولى: وجوب النظر على المكلفين؛ لأنه-عز وجل-أنكر تركه على هؤلاء المكذبين، وذلك يقتضي وجوبه.

الثانية: أن النظر طريق إلى العلم بالمنظور فيه، وإلا لم يكن لإيجابه وإنكار تركه معنى،

<<  <   >  >>