واعترض على هذا الاستدلال بوجوه: أحدها: لا نسلم أن الصدق وصف خاص بالمهاجرين، بل هو وصف عام للصحابة وغيرهم من أهل التقوى: إذ كل متق صادق، لقوله- عز وجل-: {*لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَاِبْنَ السَّبِيلِ وَالسّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ}[البقرة: ١٧٧].
الوجه الثاني: أن المأمور بالكون مع الصادقين هم عموم الذين آمنوا من المهاجرين والأنصار، فلو صح الاستدلال المذكور للزم إما اختصاص الأنصار بالإيمان دون المهاجرين أو أمر المهاجرين بأن يكونوا مع أنفسهم، وكلاهما محال.
والوجه الثالث: / [١٠٢ أ/م] لا نسلم أن الكون مع الصادقين يقتضي متبوعيتهم، ولا تبعية الكائن معهم، بل هما سواء.