أحدها: أن الله-عز وجل-هو الرازق من السماوات والأرض بالمطر والنبات، وكل من كان كذلك فهو الإله الحق.
الثاني: أنه-عز وجل-هو الذي يملك السمع والأبصار وكل من ملك السمع والأبصار هو الإله الحق، ومعناه يتصرف في السمع والبصر فلا يدركان شيئا من مدركاتهما إلا بإذنه وإرادته، وتعلق به الاتحادية؛ قالوا: لم يملك ذلك إلا وهو سار في الأجسام/ [٢٢٢/ل]، وليس بلازم، وهذا المغناطيس يتصرف في الحديد من غير سريان ولا ملابسة.
وقد سبق القول معهم في الأنعام.
الثالث: أنه-عز وجل-يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.
الرابع: أنه يدبر الأمر، أي أمر السماوات والأرض بالتحريك والتسكين والتسخير والتصريف، والتقدير. وقد وافق الكفار المخاطبون بهذا الخطاب على هذه الوجوه كلها بقولهم: هو الله، وكل من كان كذلك فهو الإله الحق، فالله-عز وجل-هو الإله الحق، وليس بعد الحق إلا الضلال؛ إذ لا واسطة بين الحق والباطل، والهدى والضلال. فإن أجبتم إلى التوحيد وإلا فأنتم ضلال.
{كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا}[يونس: ٣٣] أي خرجوا عن الإيمان بالكفر {أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}[يونس: ٣٣] احتج به الجمهور لأنه-عز وجل- أخبر بأن كلمته حقت عليهم بالكفر، وكل من حقت عليه الكلمة بالكفر لا يؤمن واستحال منه الإيمان؛ فهؤلاء لا يؤمنون. ومعنى حقت عليهم الكلمة تعلق العلم والإرادة الأزليان بكفرهم، وكل ما تعلقا به كان واجب الوقوع، فكفر هؤلاء واجب الوقوع، وكل واجب الوقوع من الإنسان فهو مجبور عليه، فهؤلاء مجبورون على كفرهم، والجور غير لازم لما سبق في مقدمة الكتاب.