{وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظّالِمِينَ}(١٠٦)[يونس: ١٠٦] هذا أمر بالتوحيد ونهي عن الشرك، وبرهانه معه، وهو الاستدلال بعدم القدرة على النفع الضر على عدم الإلهية، كما تقرر في «المائدة».
{فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظّالِمِينَ}[يونس: ١٠٦] أي بوضع الدعاء والعبادة/ [٢٢٩/ل] غير موضعهما، وهو يشير إلى أن العصمة للأنبياء إنما هي من وقوع الكفر لا جوازه.
{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(١٧)[الأنعام: ١٧] حجة مؤكدة لما قبلها على التوحيد، بدليل الطرد والعكس نحو {ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(٢)[فاطر: ٢] وتقريره: أن الله-عز وجل-هو الذي يدور النفع والضر والخير والشر مع إرادته وجودا وعدما، وكل من كان كذلك فهو الإله الحق، فالله-عز وجل-هو الإله الحق، ومقدمتاه بينتان.
{قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اِهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}(١٠٨)[يونس: ١٠٨] يحتج به المعتزلة؛ إذ نسب الهدى والضلال/ [١٠٦ ب/م] إلى المخلوق لا إلى نفسه، وجوابه: أنه أضافه إليهم باعتبار أنهم محله أو كاسبوه، أو على تقدير أنه لو فوض إليهم خلقه لكان منهم إما ضلالا، وإما هدى.