{وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(٧)[الأنبياء: ٧] هذا جواب لقولهم: {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}(٣)[الأنبياء: ٣] أي: فإرساله إليكم دون العكس، ترجيح بلا مرجح، وقد سبق القول فيه.
{وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ}(١٩)[الأنبياء: ١٩] يحتج بظاهره من يرى أن الله-عز وجل-ليس في السماوات ولا في الأرض، وإلا لكان {وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ}(١٩)[الأنبياء: ١٩] تكرارا.
ويجاب: بأنه من باب عطف الخاص على العام، أو يريد ومن عنده في الملأ الأعلى بين يدي العرش، وذلك فوق السماوات لا فيها ولا في الأرض، والإشارة ب {وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ}(١٩)[الأنبياء: ١٩] إلى الملائكة المقربين.
{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ}(٢٠)[الأنبياء: ٢٠] يقتضي أنهم لا ينامون لاستغراق التسبيح زمانهم ويقتضي أنهم زمانيون أي: يعمهم حقيقة الزمان، وإذ جعل الليل والنهار ظرفا لتسبيحهم، وأنهم معصومون، إذ من لا يفتر عنه الطاعة متى يتفرغ للمعصية.
٢١] أي: يبعثون الموتى، وهو استدلال على نفي الشريك، بأن الإله الحق هو الذي ينشر الموتى، وسائر ما اتخذا إلها لا ينشر الموتى، فالإله الحق ليس هو سائر ما اتخذ إلها، فما اتخذ إلها ليس هو الإله الحق.
{لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ}(٢٢)[الأنبياء: ٢٢] هذا هو والدليل المشهور على التوحيد، ويسمى/ [١٣٨ ب/م] دليل التمانع، وتقريره من وجهين:
أحدهما: لو كان مع الله إله غيره لفسد العالم، واللازم باطل فالملزوم كذلك، بيان الملازمة:
أنه لو كان معه غيره، فليفرض أنهما اختلفا في الإرادة بأن أراد أحدهما تحريك جسم أو