للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتصرف في خلقه فلا يعترض عليه وهذه/ [٢٩٥/ل] عمدة الجمهور في القدر وإليها يرجعون ويسمونها آية الدبوس.

وعند النظر فيما قررناه من سر القدر يتبين أن الأمر واضح بالمعقول لا بالدبوس.

{أَمِ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ} (٢٤) [الأنبياء: ٢٤] أي: طالبهم بالدليل على إلهية آلهتهم فسيعجزون عن إقامته ثم قل: {أَمِ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ} (٢٤) [الأنبياء: ٢٤] أي احتج عليهم بإجماع الأنبياء المتقدمين على التوحيد، وهو كقوله-عز وجل-: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} (٤٥) [الزخرف: ٤٥] وتقريره: أن التوحيد مجمع عليه بين الرسل وكل مجمع عليه بين الرسل، فهو حق فالتوحيد حق بيان الأولى قوله-عز وجل- بعد: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (٢٥) [الأنبياء: ٢٥].

بيان الثانية: أن الأنبياء معصومون جماعة وفرادى فلا يقولون إلا صدقا، ولا يعتقدون إلا حقا.

{وَقالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ} (٢٦) [الأنبياء: ٢٦] يعنى قولهم: الملائكة بنات الله سبحانه: {بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ} (٢٦) [الأنبياء: ٢٦] أي: هم عباد مكرمون؛ فعباد، رد على من تألههم، ومكرمون: رد على من تنقصهم، كاليهود حين استعدوا جبريل.

{لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} (٢٧) [الأنبياء: ٢٧] رد على من زعم أن لهم تصرفا في العالم بالاستقلال فبين أنهم لا يفعلون شيئا إلا بإذنه-عز وجل- وفيه من الأدب أن العبد والتلميذ والرعية والولد وكل ذي رتبة دنيا لا يسابق من فوقه بالقول، بل يكون تبعا له في كلامه.

{لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} (٢٧) [الأنبياء: ٢٧] رد على من

<<  <   >  >>