{أَلا إِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}(٥٥)[النور: ٥٥] يحتج بها الجمهور على صحة خلافة الأشياخ الثلاثة قبل علي، وتقريره: أن الله-عز وجل-وعد مؤمني هذه الأمة بالاستخلاف في الأرض وتمكين الدين وتبديل خوفهم بالأمن، ووعد الله-عز وجل-واقع لا محالة، ثم لا يخلو أن يكون المراد بالذين آمنوا المستخلفين في الأرض عليا وحده، أو عموم مؤمني الأمة، أو عموم خلفائها، أو الأشياخ الثلاثة الخصوص وليس المراد عليا وحده؛ لأن الوعد للذين آمنوا، وعلي وحده ليس جمعا ولا يصح التعبير عنه بلفظ الجمع إلا مجازا من باب العام أريد به الخاص ولا ضرورة إليه، سلمنا أنه المراد لكن الآية تضمنت أن استخلافه كاستخلاف من قبله، الذين قبله الأشياخ الثلاثة، فيلزم صحة استخلافهم [كصحة استخلافه] تحقيقا للتشبيه، وإلا لزم بطلان استخلافه تحقيقا للشبيه أيضا وإنه باطل/ [١٤٦ ب/م] باتفاق ولا يجوز أن يكون المراد عموم مؤمني الأمة إذ لم يستخلف كل واحد منهم ولا حاجة إلى ذلك؛ إذ الخلفاء رعاة وواحد من كل عصر يكفي، فتعين أن المراد إما الأشياخ الثلاثة على الخصوص فيحصل المقصود، أو عموم خلفاء الأمة فيحصل أيضا لاندراج الأشباح الثلاثة تحت عموم الخلفاء، هذا أحسن ما قرر به الدليل من هذه الآية.
واعترضت الشيعة [أبعدهم الله] بأن قالوا: لا نسلم أن الاستخلاف هاهنا من الخلافة التي هي الإمامة والسلطنة، وإنما هو من الخلف المقابل للسلف، وقولهم: خلف فلان فلانا على زوجته أو ماله ونحوه، وحينئذ لا دلالة في الآية على ما ذكرتم أصلا، ويكون الخطاب لجميع الأمة أنهم يخلفون من تقدمهم من الأمم في الأرض كما قال عز وجل:{ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}(١٤)[يونس: ١٤] وقد أنجز الله-عز وجل-وعده بأن جعل هذه الأمة خلفاء في الأرض عمن قبلها من الأمم ولا تعرض في ذلك للخلافة والإمرة أصلا، سلمنا ذلك لكن الموعود باستخلافه هو المهدي عند نزول عيسى، يمكن الله له الدين بعد اضطرابه بالدجال، ويبدل به الخوف أمنا والجور عدلا، أما في أول الإسلام فتمكين الدين/ [٣١٠/ل] وتبديل الخوف حصل