للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإجماع أن أهل البيت علي وزوجته وولداه فما استدللتم به من سياق الآية ونظمه على خلافه لا يعارضه؛ لأنه مجمل الأمرين/ [١٦١ ب/م]، وقصاراه أنه ظاهر فيما ادعيتم؛ لكن الظاهر لا يعارض النص والإجماع، ثم إن الكلام العربي يدخله الاستطراد والاعتراض وهو تخلل الجمل الأجنبية بين الكلام المنتظم المتناسب، كقوله-عز وجل-: {قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ} (٣٤) [النمل: ٣٤] فقوله: {قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ} (٣٤) [النمل: ٣٤] جملة معترضة من جهة الله-عز وجل- / [٣٣٨ ل] بين كلام بلقيس، وقوله-عز وجل: {*فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} (٧٧) [الواقعة: ٧٥ - ٧٧] أي فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم، وما بينهما اعتراض على اعتراض، وهو كثير في القرآن وغيره من الكلام العربي، فلم لا يجوز أن يكون قوله-عز وجل-:

{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (٣٣) [الأحزاب: ٣٣] جملة معترضة متخللة لخطاب نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم على هذا النهج؟ وحينئذ يضعف اعتراضكم بمرة.

وأما الرجس فإنما يجوز حمله على الكفر أو على مسمى خاص لو كان له معهود، لكن لا معهود له، فوجب حمله على عمومه، إذ هو اسم جنس معرف باللام وهو من أدوات العموم.

وأما ما ذكرناه من أخبار الآحاد فإنما أكدنا به دليل الكتاب، ثم هي لازمة لكم فنحن أوردناها إلزاما لا استدلالا.

واعلم أن الآية ليست نصا ولا قاطعا في عصمة أهل البيت، وإنما قصاراها أنها ظاهرة في ذلك بطريق الاستدلال الذي حكيناه عنهم.

<<  <   >  >>