فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٣٥)[الأحزاب: ٣٥] يحتج به على إن الإناث لا يدخلن في جمع المذكر السالم، وإلا لكان والمسلمات تكرارا، ولأنه حكي عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله، ما بال النساء لا يذكرن مع الرجال؟ أو كما قالت، فنزلت هذه الآية، ففهمت أم سلمة أن صيغة المذكر لا تتناول الإناث، وأقرت على ذلك ووافقها التنزيل فدل على ما قلنا.
وتفصيل المسألة أن اللفظ المختص بأحد القبيلين لا يتناول غيره كالرجال والذكور وكالنساء والإناث، واللفظ الموضوع لهما يتناولهما كلفظ من، واختلف في نحو المؤمنين والمسلمين، هل تتناول الإناث ما لم يدل على قرينة؟ على قولين؛ أحدهما: لا، لما ذكرنا، وكما لا يتناول نحو المسلمات والمؤمنات الذكور.
والثاني نعم، لأن أكثر خطاب القرآن بهذه الصيغة والحكم فيها يتناول النساء.
وأجيب عنه بأن ذلك إن ثبت فهو بطريق التغليب لا بالوضع، والنزاع إنما هو فيه لا في دلالة القرائن، وأما لفظ القوم فهل يختص الرجال أو يتناول القبيلين؟ فيه خلاف موضع ذكره/ [١٦٢ أ/م] في سورة الحجرات، إن شاء الله عز وجل.
{ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً} (٣٩)[الأحزاب: ٣٨ - ٣٩] قال بعضهم: هذا تعريض من الله-عز وجل-برسوله صلّى الله عليه وسلّم حيث قال له:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاِتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً}(٣٧) / [٣٣٩ ل]) [الأحزاب: ٣٧] كأنه قال: لم تفعل ذلك، وهلا تكون كهؤلاء الذين يبلغون، ولا يخشون أحدا إلا الله.
وجوابه: أن المعلوم من هذا الكلام: أنه مدح لهؤلاء الرسل وثناء عليهم، وأما كونه تضمن تعريضا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم فغير معلوم، وبتقدير أن الأمر كذلك [لا يضر]، إذ لا قدح بذلك في منصب ولا عصمة، والله-عز وجل-له التصرف في عباده، رسلا كانوا أو