{لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}(٨)[الشورى: ٨] يحتج به الجمهور كما سبق من نظائره.
{أَمِ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(٩)[الشورى: ٩]، فيه إثبات البعث إحالة على القدرة كما سبق، وإثبات التوحيد، ونظمه: أولياؤكم لا يحيون الموتى ولا يقدرون، والإله الحق يحيي ويقدر، فأولياؤكم لا شيء منهم بإله حق.
{وَمَا اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}(١٠)[الشورى: ١٠] يحتج به الظاهرية في نفي القياس؛ لأنه ليس هو الله حتى ترد إليه الأحكام، ويجاب عنه بأن المراد: فحكمه إلى دين الله، أو كتاب الله، والقياس من دين الله وكتاب الله، وهذا البعث الذي هو أهم أركان الإيمان يحتج عليه في القرآن بالقياس، فما الظن بفروع مستندها الظن.
{فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(١١)[الشورى: ١١] هذه الآية أولها تنزيه وآخرها إثبات، فمن جمع بينهما بأن أثبت لله ما أثبت، ونزهه عما لا يليق به من مشابهة المخلوقات وأثبت غير ممثل، ونزه غير معطل؛ فقد أصاب، ومن انحرف في التنزيه حتى عطل، أو في الإثبات حتى شبه ومثل، فقد أخطأ، وتوفيقه عنها أبطأ، ونظيرها في الجمع بين طرفين: قوله-عز وجل-: {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ}(١٤٩)[الأنعام: ١٤٩] إذ أولها اعتزال قدري وآخرها تفويض جبري، فمن توسط بينهما فاعتقد أن لله في خلقه المشيئة الغالبة، وعليهم الحجة البالغة، فقد أصاب، ومن انحرف فاعتزل أو ظلم ربا لم يزل، فقد زل، ومن أوج التوحيد نزل.
ثم هنا مسألتان: إحداهما في الكاف في: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(١١)[الشورى: ١١] فقيل: زائدة أي: ليس مثله، وقيل: على أصلها في التشبيه، ومثل بمعنى هو أي: ليس كهو أو كذاته شيء، أما أن الكاف ومثل على أصلهما فمحال؛ إذ يبقى تقديره: ليس مثل مثله أو ليس يشبه مثله شيء، وهو محال لوجهين:
أحدهما: إثبات مثل له، والقديم/ [٣٧٣/ل] لا مثل له.
والثاني: أن له مثلا مع أن مثله لا مثل له [١٨٠ أ/م] فيكون مثله أكمل منه، وإنه