للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محال، ويحتمل صحة ذلك على طريق الفرض والتقدير، أي: لو فرض له مثل لكان ذلك المثل لا مثل له، وإذا لم يكن لمثله الفرضي مثل فهو أولى ألا يكون له مثل.

المسألة الثانية: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١١) [الشورى: ١١] أي يدرك المسموعات والمبصرات، وعند بعضهم: معناه سلب الصمم والعمى عنه، والأول وهو الصواب، وقد سبق جميع هذا.

واعلم أن لنا سمعا ومحله ومسموعا وسامعا وسميعا، فالسمع القوة المدركة للمسموع، وهي من الله-عز وجل-تسمى صفة قديمة، ومحل السمع يسمى جارحة وأذنا، والله-عز وجل- منزه عنها، والمسموع هو الأصوات المدركة بقوة السمع، والسامع هو المدرك للأصوات بالفعل والله-عز وجل-متصف بذلك من حين وجود الأصوات، أما قبلها فمحال، وإلا لزم قدمها أو وجودها حال عدمها وإنه محال، والسميع من له صفة السمع، والله-عز وجل- متصف بذلك في الأزل؛ إذ لا يلزم من وجود الصفة وجود متعلقها، وإلا للزم قدم المعلومات والمقدورات والمرادات لقدم الصفات المتعلقة هي بها، وهى العلم والقدرة والإرادة، وإنه محال، والكلام في البصير على هذا التفصيل، وهو تحقيق في هذا المكان.

{* شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} (١٣) [الشورى: ١٣]، يحتج بها على أن شرع من قبلنا شرع لنا؛ لأنها تضمنت أن شرائع أولي العزم الخمسة واحدة.

ويعترض عليه بأن ذلك في أصول الدين كالتوحيد ونحوه؛ بدليل قوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} (١٣) [الشورى: ١٣] وهذا تفسير لما شرعه لهم وأخبر أنه يكبر على المشركين، وإنما كبر على المشركين التوحيد من الأصول لا من الفروع؛ فإذن شرع من قبلنا شرع لنا في التوحيد ونحوه، وأما في الفروع فهو محل خلاف، ولا دليل في الآية عليه.

{يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ} [الشورى: ١٣] يحتج به الجمهور [لتعليق الاجتباء] بالمشيئة.

{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} (١٣) [الشورى: ١٣] يحتج به الفريقان؛ الجمهور لإضافة

<<  <   >  >>