للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

............................................................................................

ــ

وعند ابن ماهان: من عقلها، وصوب بعضهم هذه الرواية، وكلاهما صواب، وقد جاءت الراويتان في غير حديث زهير والباء تأتي بمعنى "من"، وقيل ذلك في ... قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)} [المطففين: ٢٨]، {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] أي منها، وقيل يشربون هنا بمعنى يُروَون، فتكون الباء على بابها، وفي رواية أخرى: "في عقلها" وهي راجعة إلى معنى من أيضاً وبمعنى الباء" (١).

فرواية ابن ماهان "فيه من عقلها"، ورواية ابن سفيان "من النعم بعقلها" فالاختلاف بين الروايتين زائل من حيث المعنى؛ لان "مِنْ" تأتي بمعنى الباء، قال ابن أم قاسم المرادي: "الحادي عشر: (أي النوع الحادي عشر من أنواع من) موافقة الباء، نحو "ينظرون من طرف خفي". قال الأخفش: قال يونس: أي بطرف خفي. كما تقول العرب: ضربته من السيف، أي: بالسيف، وهذا قول كوفي" (٢).

وتأتي "الباء" بمعنى من، قال ذلك ابن عباس - رضي الله عنه - تفسيراً لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} [لقمان: ٣١]، فالمعنى من نعمة الله. وذكر الرافعي هذا القول (٣).

واستشهد ابن سيده (٤) بقول أبي ذؤيب:

شربنَ بماء البحر ثم تصعدت ... متى لُجَجٍٍ خُضرٍ لَهُنَّ نئيجُ (٥)


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم ٣/ ١٥٥.
(٢) الجني الداني في حروف المعاني ١/ ٥٣.
(٣) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ١/ ٣٣٦ و٣٣٧، بتصرف.
(٤) المخصص ٣/ ٣٢٨.
(٥) أدب الكاتب: (تأليف: الدينوري أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة السعادة - مصر، ط٤، ١٩٦٣م، ١/ ٤٠٨، وخزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: (تأليف: البغدادي عبد القادر بن عمر)، تحقيق: محمد نبيل طريفي واميل بديع اليعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط١، ١٩٩٨م،٧/ ٨٩.

<<  <   >  >>