للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي ثُمَّ شَدَدْتُ على أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُمْ رُقُودٌ، فَأَخَذْتُ سِلَاحَهُمْ فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا في يَدِي، قال: ثُمَّ قلت: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَاسَهُ إلا ضَرَبْتُ الذي فيه عَيْنَاهُ قال: ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إلى رسول اللَّهِ ... - صلى الله عليه وسلم - قال: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ من الْعَبَلَاتِ يُقَالُ له مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إلى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - على فَرَسٍ مُجَفَّفٍ في سَبْعِينَ من الْمُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: {دَعُوهُمْ يَكُنْ لهم بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ}، فَعَفَا عَنْهُمْ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْزَلَ الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (٢٤)} [الفتح: ٢٤]، قال: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إلى الْمَدِينَةِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بَيْنَنَا وَبَيْنَ بنى لَحْيَانَ جَبَلٌ، وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَاسْتَغْفَرَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ رقى هذا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ قال سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَبَعَثَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِهِ مع رَبَاحٍ غُلَامِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه، وَخَرَجْتُ معه بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مع الظَّهْرِ، فلما أَصْبَحْنَا إذا عبد الرحمن الْفَزَارِيُّ قد أَغَارَ على ظَهْرِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتاَقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قال: فقلت: يا رَبَاحُ خُذْ هذا الْفَرَسَ، فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قد أَغَارُوا على سَرْحِهِ، قال: ثُمَّ قُمْتُ على أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا يا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ خَرَجْتُ في آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ:

أنا بن الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

فَأَلْحَقُ رَجُلًا منهم، فَأَصُكُّ سَهْمًا في رَحْلِهِ حتى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إلى كَتِفِهِ، قال: قلت: خُذْهَا.

وأنا بن الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قال: فَوَاللَّهِ ما زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ، فإذا رَجَعَ إلي فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ في أَصْلِهَا، ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ حتى إذا تَضَايَقَ الْجَبَلُ، فَدَخَلُوا في تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الْجَبَلَ، فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ قال: فما زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حتى ما خَلَقَ الله من بَعِيرٍ من ظَهْرِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إلا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ثُمَّ

<<  <   >  >>